للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولولا ما أحاول من سدّ الثّغر (١) الذى أنا به، لخفت أن يحملنى الشوق إلى أمير المؤمنين أن أستخلف رجلا، على غير أمره، وأقدم لمعاينة أمير المؤمنين، فإنها لا يعدلها (٢) عندى عادل نعمة وإن عظمت، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لى فى المسير إليه، لأشافهه بأمور كرهت الكتاب بها فعل».

(تاريخ الطبرى ٨: ٢٩٣)

[٤٩٠ - كتاب الوليد إلى الأمصار بالبيعة لابنيه]

وفى سنة ١٢٥ هـ عقد الوليد بن يزيد لابنيه: الحكم وعثمان البيعة من بعده، وجعلهما وليّى عهده، وجعل الحكم مقدما على عثمان، وكتب بذلك إلى الأمصار، وكانت نسخة الكتاب:

«أما بعد، فإن الله تباركت أسماؤه، وجلّ ثناؤه، وتعالى ذكره، اختار الإسلام دينا لنفسه، وجعله خير خيرته من خلقه، ثم اصطفى من الملائكة رسلا، ومن الناس، فبعثهم به وأمرهم به، وكان بينهم وبين من مضى من الأمم، وخلا (٣) من القرون قرنا فقرنا، يدعون إلى التى هى أحسن، ويهدون إلى صراط مستقيم، حتى انتهت كرامة الله فى نبوّته إلى محمد صلوات الله عليه، على حين دروس (٤) من العلم، وعمى من الناس، وتشتيت من الهوى، وتفرّق من السّبل، وطموس من أعلام الحق، فأبان الله به الهدى، وكشف به العمى، واستنقذ به من الضّلالة والرّدى، وأنهج (٥) به الدين، وجعله رحمة للعالمين، وختم به وحيه، وجمع له ما أكرم به الأنبياء قبله، وقفّى به على آثارهم، مصدّقا لما نزل معهم، ومهيمنا (٦) عليه، وداعيا


(١) الثغر: موضع المخافة من فروج البلدان.
(٢) أى لا يوازنها.
(٣) خلا: مضى.
(٤) درس الأثر: امحى.
(٥) أى أوضح، وورد هذا الفعل لازما متعديا بمعنى وضح وأوضح، وكذا نهج كمنع، وفى الأصل «وأبهج» بالباء وهو تصحيف.
(٦) هيمن عليه: صار رقيبا عليه وحافظا.

<<  <  ج: ص:  >  >>