للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٥٠ - كتاب آخر]

وكتب إليه:

«أما بعد، فإنك كتبت إلىّ تسألنى عن عبد الله بن مصعب، فكان والله قويّا على أهل الضعف والمسكنة، ذليلا عند أهل الجلد والقوة، بليغا فيما استحى الحكماء من ذكره، وصّافا لما لا ينتفع به كليلا عما لا يستغنى عنه، قد غلبت عليه الدّعابة واستهوته (١)، فلا يحسن إلا ترّهات (٢) الأمور، ولا يحفظ إلا سفساف (٣) الأحاديث ولا يروى إلا خرافات الأباطيل، فأمّا البصيرة النافعة، والحكمة البالغة، فقد أصبح منها أبو بكر (٤) غفلا، وفى المعرفة بها طفلا، ولو لبث أربعين سنة لم يفهم أولاها، ولم يعرف أخراها، إلا نظر المغشىّ عليه من الموت (٥)».

(المنظوم والمنثور ١٣: ٤١٣)

[١٥١ - كتاب آخر]

وله أيضا فيه (٦):

أما بعد: فإنّ من النّاس من تحمّل حاجته أهون من فحش طلبه، ومنهم من حمل عداوته أخفّ من ثقل صداقته، ومنهم من إفراط لائمته أحسن من قدر مدحته (٧) وإن الله خلق أبا بكر ليغمّ به الدنيا، ويقذّر به أهلها، فهو على قذره فيها من حجج الله


(١) أى استمالته.
(٢) الترهات جمع ترهة: وهى الباطل.
(٣) السفساف: الردىء من كل شىء.
(٤) كنية عبد الله بن مصعب.
(٥) أخذه من قوله تعالى: «يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ».
(٦) ورد هذا الكتاب فى مفتاح الأفكار منسوبا إلى بشر البلوى أيضا.
(٧) القدر: التضييق، وفى المنظوم والمنثور «ومنهم من فرط لائمته أخف من قدر صداقته».

<<  <  ج: ص:  >  >>