للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٩٩ - كتاب أحمد بن يوسف إلى عبد الله بن طاهر يعزيه بأبيه]

وكتب أحمد بن يوسف إلى عبد الله بن طاهر يعزيه بأبيه:

«أما بعد: فإنه قد حدث من الرّزء العظيم- بوفاة ذى اليمينين- ما إلى الله جلّ وعزّ فيه المفزع والمرجع، وفيه عليه المستعان، فإنا لله وإنا إليه راجعون، اتّباعا لأمر الله، واعتصاما بطاعته، وتسليما لنازل قضائه، ورجاء لما وعد الصابرين:

من صلواته ورحمته وهداه، وعند الله نحتسب مصيبتنا به، فقد كان سبق إلى القلوب عند بداهة الخبر، من اللّوعة واطّلاع (١) الفحيعة، ما كنا نخاف إحباطه من الأجر، لولا ما تداركنا الله به من الذّكر لما وعد أهل الصبر، فنسأل الله أن يرأب (٢) هذه الثّلمة، ويسدّ هذه الخلّة بأمير المؤمنين أوّلا، وبك ثانيا، وأن يعظّم مثوبتك، ويحسن عقباك، ويخلف بك ذا اليمينين ويعمر بك مكانه من أمير المؤمنين ومن كافة المسلمين.

فأما ما تحتاج إليه من التسلية والتعزية، فإنك فى فضل رأيك، واتساع لبّك فى حال العزّة والنّماء، لم تكن تخلو من عوارض الذكر، وخواطر الفكر، فيما تعرو به الأيام من نوائبها، وتبعث به من حوادثها، وفى هذا لمن وفّق له إعداد للنوازل، وتوطين للأنفس على المكاره، فلا يكون معه هلع ولا إفراط جزع بإذن الله، مع أن مردّ كلّ ذى جزع إلى سلوة لا ثبات عليها، فأولى بالراغب


(١) أى وإشرافها على القلوب وإحراقها إياها، أخذه من قوله تعالى: «نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ» أى يبلغ ألمها الأفئدة، توفى عليها فتحرقها، من اطلع: إذا أشرف.
(٢) رأب الصدع كمنع: أصلحه، والخلة: الثقبة الصغيرة أو عام.

<<  <  ج: ص:  >  >>