للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٣٨ - كتاب عبد الملك إلى الحجاج]

ولما أسرف الحجاج فى قتل أسارى دير الجماجم وأعطى الأموال، بلغ ذلك عبد الملك، فكتب إليه:

«أما بعد، فقد بلغ أمير المؤمنين سرفك فى سفك الدماء، وتبذيرك فى الأموال، فى الباطل، ومنعك الحقّ، ولا يحتمل أمير المؤمنين هاتين الخصلتين لأحد من الناس، وقد حكم عليك أمير المؤمنين: فى الدماء، فى الخطإ الدّية، وفى العمد القود (١)، وفى الأموال ردّها إلى مواضعها، ثم العمل فيها برأيه، فإنما أمير المؤمنين أمين الله، وسيّان عنده منع حق وإعطاء باطل، فإن كنت أردت الناس له فما أغناهم عنك، وإن كنت أردتهم لنفسك فما أغناك عنهم، وسيأتيك من أمير المؤمنين أمران:

لين وشدّة، فلا يؤنسنّك إلا الطاعة، ولا يوحشنّك إلا المعصية، وظنّ بأمير المؤمنين كلّ شىء إلا احتمالك على الخطإ، وإذا أعطاك الظّفر على قوم فلا تقتلنّ جانحا ولا أسيرا» وكتب فى أسفل كتابه:

إذا أنت لم تطلب أمورا كرهتها ... وتطلب رضائى بالذى أنت طالبه

وتخشى الذى يخشاه مثلى هاربا ... إلى الله منه، ضيّع الدّرّ حالبه (٢)

فإن تر منى غفلة قرشيّة ... فيا ربّما قد غصّ بالماء شاربه

وإن تر منّى وثبة أمويّة ... فهذا وهذا كلّ ذا أنا صاحبه


- أنك كافر؟ قال: بئس الرجل أنا إن كنت عبدت الله ثمانين سنة ثم أشهد على نفسى بالكفر، قال:
إذن أقتلك، وضرب عنقه.
وأتى بشيخ وشاب فقال للشاب: أمؤمن أنت أم كافر؟ قال: بل كافر، قال: لكن الشيخ لا يرضى بالكفر، فقال له الشيخ: أعن نفسى تخادعنى يا حجاج؟ والله لو كان شىء أعظم من الكفر لرضيت به، فضحك الحجاج وخلى سبيلهما وفى رواية أخرى أنه أتى برجل فقال الحجاج: إنى أرى رجلا ما أظنه يشهد على نفسه بالكفر، فقال: أخادعى عن نفسى! أنا أكفر أهل الأرض وأكفر من فرعون ذى الأوتاد، فضحك الحجاج وخلى سبيله.
(١) القود: القصاص.
(٢) الدر: اللبن.

<<  <  ج: ص:  >  >>