للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأسى عليها، وكلّ ذلك لا سبيل إلى دفعه ولا حيلة يستعان بها عند نزوله، إلا الرضا عن الله عز وجل فيما قضى، والتسليم لأمره فى كل ما أتى، والسكون إلى الأسوة التى نهج الله سبيلها، وخفّف بها مواقع المصائب على أهلها، ثم الرجاء بعد ذلك لحسن ثواب الله، الذى جعله لمن لزم أمره، وأجشم (١) نفسه مكروهها فى مواطن الصبر على المصيبة والشكر فى حال العافية».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٠٨ و ١٢: ٢٦٣)

[٩٠ - تعزية له إلى الخليفة]

«فإن الله أنزل أمير المؤمنين من الإسلام وأهله منزلا عظّم فيه فضله، واختصّه منه بالذى هو أهله وأولى به، فأصبح بفضل نعمة الله عليه، ولطيف إحسانه إليه، عمادا لجميع المسلمين، عليه تجتمع أهواؤهم، وإليه تسكن أملاؤهم (٢)، وبه يصلح الله دينهم، ولا تصلح إلا به دنياهم، فما يلبسه الله من عافية، ويحدث له من كرامة، تجلّلهم مع النعمة فى وصولها، وأعباء الشكر فى وجوبها، وما ينوبه- والله ولى حفظه- من نائبة حدث برزء مصيبة، شركوه فى ألم الحدث، وتركوا شركته فى حسن الثواب.

وقد كان من قضاء الله فى ابن أمير المؤمنين، ما عظمت به المصيبة، وعمّت به الرزية للمنزلة التى أنزله الله بها من دينه وقرابته من نبيه صلى الله عليه وسلم، مع مكانه من خليفته، وما كان فيه مع ذلك من الأمل العظيم، والرجاء الجيم، الذى به سكنت القلوب، وأمّل لجليلات الخطوب، وكان عاريّة من عوارى نعم الله، أنعم بها الله على أمير المؤمنين، فاستمتع بما أعاره فيه من قرّة العين والغبطة والسرور، إلى أن بلغ منتهى مدّة ما أعير، وقضى كل ارتجاع [أن] يرتجعها معيرها فيبتلى بها من


(١) أى كلفها كجشمها.
(٢) جمع ملأ بالتحريك: وهو الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>