للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أما بعد: فإن جارية بن قدامة العبد الصالح قدم من عندك، فناهض جمع ابن الحضرمى، بمن نصره وأعانه من الأزد، ففضّه واضطرّه إلى دار من دور البصرة فى عدد كثير من أصحابه، فلم يخرج حتى حكم الله تعالى بينهما، فقتل ابن الحضرمى وأصحابه، منهم من أحرق بالنار، ومنهم من ألقى عليه جدار، ومنهم من هدم عليه البيت من أعلاه، ومنهم من قتل بالسيف، وسلم منهم نفر أنابوا وتابوا، فصفح عنهم، وبعدا لمن عصى وغوى، والسلام على أمير المؤمنين، ورحمة الله وبركاته.

(شرح ابن أبى الحديد م ١: ص ٣٥٤)

٥٣٠ - كتاب علىّ إلى زياد

وكان علىّ عليه السلام أخرج إلى زياد سعدا مولاه يحثه على حمل مال البصرة إلى الكوفة، وكان بين سعد وزياد ملاحاة (١) ومنازعة، وعاد سعد فشكاه إلى علىّ وعابه، فكتب علىّ إليه:

«أما بعد: فإن سعدا ذكر أنك شتمته ظلما، وهدّدته وجبهته (٢) تجبّرا وتكبّرا، فما دعاك إلى التكبر؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «الكبر رداء الله، فمن نازع الله رداءه قضمه» وقد أخبرنى أنك تكثر من الألوان المختلفة فى الطعام فى اليوم الواحد، وتدّهن كل يوم، فما عليك لو صمت لله أياما، وتصدّقت ببعض ما عندك محتسبا، وأكلت طعامك مرارا قفارا (٣)؟ فإن ذلك شعار الصالحين، أفتطمع وأنت متمرّغ فى النعيم تستأثر به على الجار، والمسكين، والضعيف، والفقير، والأرملة، واليتيم أن يحسب لك أجر المتصدقين؟ وأخبرنى أنك تتكلم بكلام الأبرار وتعمل عمل الخاطئين، فإن كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت، وعملك أحبطت (٤)، فتب إلى ربك، يصلح لك عملك، واقتصد فى أمرك، وقدّم إلى ربك الفضل ليوم


(١) لاحاه: نازعه.
(٢) جبهه كمنعه: لقيه بما يكره.
(٣) أى غير مأدوم.
(٤) أى أفسدت.

<<  <  ج: ص:  >  >>