للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن هذا عمل مروان، قالوا: يكتب إلى عاملك بهذه الأمور للعظام، وأنت لا تدرى؟ قال نعم، قالوا: ما أنت إلا صادق، أو كاذب، فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع، لما أمرت به من سفك دمائنا بغير حقها، وإن كنت صادقا فقد استحققت الخلع، لضعفك وغفلتك وخبث بطانتك، ولا ينبغى لنا أن نترك على رقابنا من يقتطع مثل هذا الأمر دونه.

(تاريخ الطبرى ٥: ١١٥، ١١٩، والعقد الفريد ٢: ٢١٦، ومروج الذهب: ١: ٤٤٠، والإمامة والسياسة ١: ٣١)

[٣١٢ - كتاب عثمان إلى أهل الأمصار]

وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدهم:

«بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فإن الله عزّ وجل بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا، فبلّغ عن الله ما أمره به، ثم مضى وقد قضى الذى عليه، وخلّف فينا كتابه، فيه حلاله وحرامه وبيان الأمور التى قدّر، فأمضاها على ما أحبّ العباد وكرهوا، فكان الخليفة أبو بكر رضى الله عنه، وعمر رضى الله عنه، ثم أدخلت فى الشّورى عن غير علم ولا مسألة، عن ملإ من الأمة، ثم أجمع أهل الشّورى عن ملإ منهم، ومن الناس على غير طلب منى ولا محبّة، فعملت فيهم ما يعرفون، ولا ينكرون، تابعا غير مستتبع، متّبعا غير مبتدع، مقتديا غير متكلّف، فلما انتهت الأمور، وانتكث (١) الشّرّ بأهله، بدت ضغائن وأهواء على غير إجرام، ولا ترة (٢) فيما مضى إلا إمضاء الكتاب، فطلبوا أمرا، وأعلنوا غيره بغير حجّة، ولا عذر، فعابوا علىّ أشياء مما كانوا يرضون، وأشياء عن ملإ من أهل المدينة لا يصلح غيرها، فصبرت لهم نفسى، وكففتها عنهم منذ سنين، وأنا أرى وأسمع، فازدادوا على الله عز وجل


(١) من انتكث الخبل إذا انتقض.
(٢) الترة: الثأر.

<<  <  ج: ص:  >  >>