للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إنك بعثت إلينا رجلا أخرق لا يتّجه لأمر رشد، ولا يرعوى لعظة الحكيم، ولو بعثت إلينا رجلا سهل الخلق، ليّن الكنف (١)، رجوت أن يسهل من الأمور ما استوعر (٢) منها، وأن يجتمع ما تفرّق، فانظر فى ذلك فإن فيه صلاح خواصّنا وعوامّنا، إن شاء الله، والسلام».

فعزل يزيد الوليد بن عتبة، وبعث عثمان بن محمد بن أبى سفيان.

(تاريخ الطبرى ٧: ٣)

[٩٩ - كتاب يزيد إلى أهل المدينة]

وكره أهل المدينة خلافة يزيد، وأجمعوا على الخلاف عليه (٣)، فكتب إليه عثمان ابن محمد بن أبى سفيان بذلك، فكتب يزيد إليهم:

«أما بعد فإنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال» وإنى والله قد لبستكم فأخلقتكم (٤)، ورفعتكم على رأسى، ثم على عينى، ثم على فمى، ثم على بطنى، وأيم الله لئن وضعتكم تحت قدمى لأطأنّكم وطأة أقلّ بها عددكم، وأترككم بها أحاديث، تنتسخ أخباركم مع أخبار عاد وثمود». (صبح الأعشى ٦: ٣٩٠، والعقد الفريد ٢: ٢٥٦)


(١) الكنف: الجانب.
(٢) ما صعب.
(٣) وذلك أن عثمان بن محمد أمير المدينة بعث إلى يزيد وفدا من أهل المدينة فيهم عبد الله بن حنظلة الأنصارى، فقدموا على يزيد، فأكرمهم وأحسن إليهم وأعظم جوائزهم، فلما قدم الوفد المدينة، قاموا فيهم، فأظهروا شتم يزيد وعيبه، وقالوا: قد قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر، ويعزف بالطنابير، ويضرب عنده بالقيان، ويلعب بالكلاب، ويسامر الخراب (أى ذوى الخرب بالتحريك وبالضم وهو الفساد فى الدين) والفتيان، وإنا نشهدكم أنا قد خلعناه، فتابعهم الناس فخلعوه وأتوا عبد الله ابن حنظلة فبايعوه وولوه عليهم.
وذكروا أن عبد الله بن حنظلة لما وفد على يزيد كان معه ثمانية بنين له؛ فأعطاه يزيد مائة ألف درهم، وأعطى بنيه كل واحد منهم عشرة آلاف سوى كسوتهم وحملاتهم، فلما قدم المدينة أتاه الناس فقالوا:
ما وراءك؟ قال: جئتكم من عند رجل والله لو لم أجد إلا بنى هؤلاء لجاهدته بهم، قالوا: قد بلغنا أنه أجداك وأعطاك وأكرمك، قال: قد فعل، وما قبلت ذلك منه إلا لأتقوى به عليه، وحضض الناس فبايعوه.
(٤) أى أبليتكم، خلق الثوب كنصر وكرم وسمع: بلى، فهو خلق كسبب، وأخلق بالألف لغة وأخلقه أبلاه، والمراد زهدت فيكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>