للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أمّا بعد: فإنا قد خرجنا إلى معسكرنا بالنخيلة، وقد أجمعنا على المسير إلى عدونا من أهل الشأم، فاشخص بالناس حتى يأتيك رسولى، وأقم حتى يأتيك أمرى، والسلام».

(تاريخ الطبرى ٦: ٤٤، والإمامة والسياسة ١: ١٠٦)

٤٦٩ - كتاب علىّ إلى معاوية

وبينما علىّ يتأهب للقاء معاوية، إذ بلغه ما أتاه الخوارج بالنهروان من الأحداث المنكرة (١)، فسار إليهم، وجعل يبذل لهم النصح، وصمّوا عنه آذانهم، فحمل عليهم حملة مزّقهم فيها كل ممزّق، ولم يفلت منهم إلا عشرة.

وكتب علىّ عليه السلام إلى معاوية جوابا عن كتاب وصل من معاوية إليه بعد قتله الخوارج:

«أما بعد: فقد آن (٢) لك أن تنتفع باللّمح الباصر من عيان الأمور، فلقد سلكت مدارج أسلافك بادّعائك الأباطيل، واقتحامك غرور المين والأكاذيب،


(١) من ذلك أنهم لقوا عبد الله بن خباب بن الأرت، ومعه امرأته حبلى متم، فسألوه: ما تقول فى أبى بكر وعمر؟ فأثنى عليهما خيرا قالوا: ما تقول فى عثمان فى أول خلاقته وفى آخرها؟ قال: إنه كان محفا فى أولها وفى آخرها قالوا. فما تقول فى على قبل التحكيم وبعده؟ قال إنه أعلم بالله منكم، وأشد توقيا على دينه، وأنفذ بصيرة، فقالوا: إنك تتبع الهوى، وتوالى الرجال على أسمائها لا على أفعالها، ثم قربوه إلى شاطئ النهر فذبخوه وسال دمه فى الماء، وبقروا بطن امرأته، وقتلوا ثلاث نسوة من طيئ، وقتلوا أم سنان الصيداوية، وأرسل إليهم على رسولا ينظر فيما بلغه عنهم فقتلوه، وأصابوا مسلما ونصرانيا، فقتلوا المسلم وأوصوا بالنصرانى فقالوا: احفظوا ذمة نبيكم، وساموا رجلا نصرانيا بنخلة له، فقال:
هى لكم، فقالوا: ما كنا لنأخذها إلا بثمن، قال: ما أعجب هذا! أتقتلون مثل عبد الله بن خباب، ولا تقبلون منى جنى نخلة؟ - انظر تاريخ الطبرى ٦: ٤٦ والكامل للمبرد ٢: ١٤٣ - .
(٢) آن يئين، وأنى يأنى كرمى يرمى: أى حان وقرب، ومما يجرى مجرى المثل قولهم لمن يرونه شيئا يبصره شديدا ولا يشك فيه: قد رأيته لمحا باصرا، أى نظرا بتحديق شديد، ومعنى باصر ذو بصر فهو مخرج مخرج لابن وتامر، والعيان: المعاينة، والمدرج: المذهب والمسلك وزنا ومعنى، وكذا المدرجة، والأباطيل جمع أبطولة بالضم، أو إبطالة بالكسر، أو هو جمع باطل على غير قياس، والمين: الكذب

<<  <  ج: ص:  >  >>