للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم، وأداء الجزية إليهم، حميّة ولا نقيصة ولا عار، والذين يفون لكم بما يعقدون، ويتبعون فعلهم ما يقولون.

ثم أمير المؤمنين بخاصّة، لما جعل الله عليه رأيه، وفيه نظره، من البرّ والرحمة والإقساط والوفاء يالعقود والعهود والشروط، نظرا لدينه، وخوفا من ربه، ولما قذف الله فى قلبه وقلوب المسلمين من المحبة والطاعة والأثرة، ولما جعلهم الله عليه من اجتماع الكلمة، واتفاق الأفئدة، والنصائح فى السر والعلانية، وما عوّده الله ممن نصب له بمجاذبة، ورماه بمكايدة، وعراه بحيلة، من النصر العزيز، والفتح الغريب، والظفر المبين، فابذل من الجزية ما شئت، وسمّ منها ما هويت. واعلم أن أمير المؤمنين ليس يحدوك عليها لحاجة به إليها ولا للمسلمين، ولكن طاعة لربه، وأثرة لحقه، وليجعلها سببا لما يريد أن يجرى فيما بينه وبينكم، وإنه إنما كان قبول المهدىّ- رحمه الله- الفدية منكم، بطلبة أمير المؤمنين كانت إليه، والحاجة كانت فيها عليه (١)، ولم يكن من رغبة فيها، ولا حاجة إليها، ولا استعظام لها، ولقد كان يعطى فى المجلس الواحد مرارا أمثالها، ولكن ذلك كان رأى أمير المؤمنين يومئذ فيكم، فأما اليوم إذ استبان له غدركم ونقضكم ونكثكم، واستخفافكم بدينكم، وجرأتكم على ربكم، فليس بين أمير المؤمنين وبينكم إلا الإسلام أو الحرب المجلية إن شاء الله، ولا حول بأمير المؤمنين ولا قوة إلا بالله، عليه يتوكّل، وبه يثق، وإياه يستعين، والسلام على من اتبع الهدى». (اختيار المنظوم والمنثور ١٢: ٢٢٦)

[١٦٨ - كتاب نقفور ملك الروم إلى الرشيد]

وجرى الصلح بين الرشيد وبين إيرينى (٢) ملكة الروم بعد حروب دارت بينهما، فعادت الروم على إيرينى فخلعتها، وملّكت عليها نقفور (٣)، فلما استوثقت له الروم بالطاعة كتب إلى الرشيد:


(١) كذا بالأصل.
(٢) وليت ملك الروم سنة ٧٩٢.
(٣) ولى ملك الروم سنة ٨٠٢ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>