للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتاب أمير المؤمنين نذيره بين يدى جنوده، ومقدّمه إن شاء الله من جيوشه، إلا أن تؤدّوا الجزية عن التى دعاك أمير المؤمنين إليها، وحداك (١) ومن قبلك عليها، رحمة للضعفاء الذين لا ترحمهم، وتوجّعا للمساكين مما لا توجّع منه لهم من الجلاء والسّباء والقتل والأسر والقهر، وقساوة من قلوبكم، وأثرة لأنفسكم، واعتصاما بخواصّكم، وإجلاء لعوامّكم الضعفاء الفقراء المساكين الذين لا تمنعونهم بقوة، ولا تدفعون عنهم بحيلة، ولا تراقبون فى الرحمة لهم والتعطف عليهم، أدب المسيح إياكم، وقوله فى الكتاب لكم: «طوبى للذين يرحمون الناس، فإن أولئك أصفياء الله ونور بنى آدم (٢)».

وأيم الله لو يعلم من قبلك من المساكين والزراعين والفقراء والضعفاء والعملة بأيديهم، ما لهم عند أمير المؤمنين، لتحدّروا عليه، وأقبلوا إليه، : من إيوائهم، وإنزالهم الأرض الواسعة، وإمكانهم من مسايل المياه السائحة، والعدل عليهم بما لا تبلغه أنت ولا تقاربه، رفقا بهم ونظرا لهم، وإحسانا إليهم، مع تخليته إياهم وأديانهم، لا يكرههم على خلافها، ولا يجبرهم على غيرها، لاختاروا قرب أمير المؤمنين على قربك، وجواره على جوارك، ولأنقذوا (٣) أنفسهم وأموالهم وأولادهم وأزواجهم وعيالاتهم، مما يحلّ بهم فى كل عام، ويلقون من كل غزاة، فاتق الله واقبل ما عرض عليك من الجزية، ولا يمنعنّك ما فيه (٤) الحظّ لك ولأهل مملكتك، ونحن على رجاء أن الله لا يؤخّر ذلك منكم ويدفعه عنكم، إلا ليجعله على يد أهل بيت النبوّة والرحمة، ولأهل الوراثة فيهم للكتاب والحكمة، الذين لا يدخل عليكم فى الإذعان


(١) من حدا الإبل وبها: إذا ساقها.
(٢) ورد فى إنجيل متى (الإصحاح ٥ آية ٧ - ٩) من الكتاب المقدس «طوبى للرحماء لأنهم يرحمون طوبى للأتقياء القلب لأنهم يعاينون الله، طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون».
(٣) فى الأصل «ولا ابتذلوا».
(٤) فاغل يمنع غير موجود فى الجملة، والظاهر أن الأصل «ولا يمنعك العناد أو الشيطان مثلا».

<<  <  ج: ص:  >  >>