للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيهدى لى القرطاس، والخبز حاجتى ... وأنت على باب الأمير بطين (١)

إذا غبت لم تذكر صديقا ولم تقم ... فأنت على ما فى يديك ضنين (٢)

فأنت ككلب السوء جوّع أهله ... فيهزل أهل البيت وهو سمين

(الأمالى ٢: ١٣٨)

[٢٦٤ - كتاب البخترى بن أبى صفرة إلى أخيه المهلب]

وروى أيضا قال:

كان البخترىّ بن أبى صفرة من أكمل فتيان العرب جمالا وبيانا ونجدة وشعرا، وكان بنو المهلب يحسدونه لفضله، فدسّت إليه أمّ ولد عمارة بن قيس اليحمدى فراودته عن نفسه فأبى، فحملت عليه عمارة حتى شكاه إلى المهلب، وأكثر فى ذلك بنوه القول، فعرف ذلك فى وجه المهلّب فكتب إليه:

جفوت امرأ لم ينب عما تريده ... وكان إلى ما تشتهيه يسارع

تموت حفاظا دون ضيمك نفسه ... وأنت إلى ما ساءه متطالع

كأنى أخو ذنب، وما كنت مذنبا ... ولكن دهتنى السّاريات الشّبادع (٣)


- مركب كالهودج إلا أنها لا تقبب) على أيدى الرجال، يشرف على القوم، ويقول: يا أهل الشأم، اهشموا الخبز لئلا يعاد عليكم، وقيل كان فعله هذا خاصا بأهل الشأم وكان يرسل الرسل إلى الناس لحضور الطعام، فكثر عليه ذلك فقال: أيها الناس رسلى إليكم الشمس، إذا طلعت فاحضروا للغداء، وإذا غربت فاحضروا للعشاء، فكانوا يفعلون ذلك واستقل الناس يوما فقال: ما بال الناس قد قلوا؟ فقام رجل وقال: يا أيها الأمير، أنت أغنيت الناس فى بيوتهم عن الحضور إلى مائدتك، فأعجبه ذلك وقال: اجلس بارك الله عليك» وقال أبو العباس المبرد فى الكامل (١: ١٤٥):
«وكان يطعم فى كل يوم على ألف مائدة، على كل مائدة ثريد وجنب من شواء وسمكة طرية، ويطاف به فى محفة على تلك الموائد ليتفقد أمور الناس، وعلى كل مائدة عشرة، ثم يقول: يا أهل الشأم، اكسروا الخبز لئلا يعاد عليكم، وكان له ساقيان أحدهما يسقى الماء والعسل، والآخر يسقى اللبن».
(١) بطن ككرم فهو بطين: عظم بطنه، أى وأنت ممتلئ البطن من كثرة الطعام.
(٢) أى بخيل.
(٣) الشبادع: الدواهى والعقارب والنمائم، جمع شبدعة وشبدع بكسر الشين والدال.

<<  <  ج: ص:  >  >>