للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معاشى، وكيف وقد علمت مجانبتى لهذه الصفة (١)، ودوام عهدى للصديق على الحرمان والجفوة، وأنت لا تعلّم من جهل بك، ولا تنبّه من غفلة فيك، وليس مثلك من جرح يقينه الظنّ، ولا أفسد الحرّ عنده العبد، ولو صح منى الذنب إليك لكان الصفح عنى أولى بك، فإن رأيت أن تعود كعهدى كان بك، قبل التكذّب علىّ عندك، وأن تمنّ بذلك على من يقدّم إخاءك فى مودتك، وعندك (٢) فى إجلالك وتعظيمك والمسارعة إليك والطاعة لك، فعلت، ذا منّة عظيمة إلى منن لك قديمة إن شاء الله، ووهب لى عطفك ورضاك».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٨٦)

[٨٥ - كتاب آخر]

وله أيضا جواب اعتذار إليه:

«بلغنى اعتذارك، ووافى منى تطلّعا شديدا إليه، ومكانا قد قدّمت المواطنة (٣) له عندى. فسكّن النّقرة، وأذهب الوحشة، وجدّد عهد المودة، وأوجبت لك به التطوّل والمنّة واليد المشكورة، ولم أكن كالمتعنّت المتسحّب (٤) الذى يطلب العلّة، ويغتنم الزّلة، ويصدف (٥) عن الحجّة، وتضيق عنه المعذرة، وما نظرت لك إلا على نفسى، ولا بدأت إلا بحظى فيما استثبتّ من رأيك، وحاميت عليه من إخائك، والله أسأل حسن المدافعة عنك، وامتناعى بما وهب لى منك، والسلام».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٨٨)


(١) فى الأصل «الطبقة» وأراه محرفا.
(٢) العند مثلثة: الناحية، وبالتحريك: الجانب.
(٣) واطنه على الأمر: وافقه.
(٤) تسحب عليه: تدلل.
(٥) أى يعرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>