للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٧٦ - كتاب عمر إلى عمرو]

وكتب عمر إلى عمرو بن العاص:

«أما بعد: فإنى فرضت لمن قبلى فى الديوان (١)، ولمن ورد علينا فى المدينة من أهل المدينة وغيرهم ممن توجه إليك وإلى البلدان، فانظر من فرضت له، ونزل بك فاردد عليه العطاء وعلى ذرّيته، ومن نزل بك ممن لم أفرض له فافرض له على نحو مما رأيتنى فرضت لأشباهه، وخذ لنفسك مائتى دينار (٢)، فهذه فرائض أهل بدر من المهاجرين والأنصار، ولم أبلغ بهذا أحدا من نظرائك غيرك، لأنك من عمال المسلمين فألحقتك بأرفع ذلك.

وقد علمت أن مؤنا تلزمك، فوفّر الخراج وخذه من حقّه، ثم عفّ عنه بعد جمعه، فإذا حصل إليك وجمعته أخرجت عطاء المسلمين وما يحتاج إليه مما لا بدّ منه، ثم انظر فيما فضل بعد ذلك فاحمله إلىّ.

واعلم أن ما قبلك من أرض مصر ليس فيها خمس، وإنما هى أرض صلح (٣)،


(١) أى فرضت لهم عطاءهم.
(٢) علق على ذلك صاحب «أشهر مشاهير الإسلام» قال:
«لعل هذا الفرص الذى فرضه لعمرو هو جرايته» (مرتبه) على عمله لا فرص العطاء، إذ أن عمر رضى الله عنه كان يجرى على العمال جراية هى غير نصيبهم من العطاء، فقد ذكر فى «سراج الملوك» أن عمر أجرى على عمار فى كل شهر ستمائة درهم مع عطائه لولاته وكتابه ومؤذنيه ومن كان يلى معه لما بعثه وبعث معه عثمان بن حنيف، وابن مسعود إلى العراق وأجرى عليه فى كل يوم نصف شاة ورأسها وجلدها وأكارعها، ونصف جريب كل يوم، وأجرى على عثمان بن حنيف ربع شاة وخمسة دراهم كل يوم مع عطائه (وكان عطاؤه خمسة آلاف درهم) وأجرى على عبد الله بن مسعود مائة درهم فى كل شهر وربع شاة فى كل يوم، وأجرى على شريح القاضى مائة درهم فى كل شهر وعشرة أجرية ومن هذا يعلم أن عماله كان لهم جرايات على هذه النسبة وهى غير العطاء، كما ينضح ذلك من قوله مع عطائه» اه.
(٣) اختلف المؤرخون فى فتح مصر: هل فتحت صلحا أو عنوة، ومما قيل فى ذلك إن مصر فتحت صلحا (للعهد الذى كتبه عمرو بن العاص لأهلها وقد تقدم) غير الإسكندرية وثلاث قريات ظاهروا الروم على المسلمين فانها فتحت عنوة، فجعلها عمر بن الخطاب جميعا ذمة، وأجرى ما فتح عنوة مجرى الصلح (اقرأ فصلا فى خطط المقريزى «١: ٢٩٤» وفى حسن المحاضرة «١: ٥٥»)

<<  <  ج: ص:  >  >>