وفى سنة ٢٨٤ هـ عزم المعتضد بالله على لعن معاوية بن أبى سفيان على المنابر، وأمر بإنشاء كتاب بذلك يقرأ على الناس.
وذكر أن المعتضد أمر بإخراج الكتاب الذى كان المأمون أمر بإنشائه بلعن معاوية، فأخرج له من الديوان، فأخذ من جوامعه نسخة هذا الكتاب، وكانت نسخة الكتاب الذى أنشىء للمعتضد بالله:
«بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله العلىّ العظيم، الحليم الحكيم، العزيز الرحيم، المنفرد بالوحدانية، الباهر بقدرته، الخالق بمشيئته وحكمته، الذى يعلم سوابق الصدور وضمائر القلوب، لا يخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرّة فى السموات العلى ولا فى الأرضين السّفلى، قد أحاط بكل شىء علما، وأحصى كلّ شىء عددا، وضرب لكل شىء أمدا، وهو العليم الخبير، والحمد لله الذى برأ خلقه لعبادته، وخلق عباده لمعرفته، على سابق علمه فى طاعة مطيعهم، وماضى أمره فى عصيان عاصيهم، فبيّن لهم ما يأتون وما يتّقون، ونهج لهم سبل النجاة، وحذّرهم مسالك الهلكة، وظاهر عليهم الحجّة، وقدّم إليهم المعذرة، واختار لهم دينه الذى ارتضى لهم وأكرمهم به، وجعل المعتصمين بحبله والمتمسّكين بعروته أولياءه وأهل طاعته، والعائدين (١) عنه والمخالفين له أعداءه وأهل معصيته: «ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيا من حىّ عن بيّنة وإنّ الله لسميع عليم» والحمد لله الذى اصطفى محمدا رسوله من جميع بريّته، واختاره لرسالته، وابتعثه بالهدى والدّين المرتضى إلى عباده أجمعين، وأنزل عليه الكتاب المبين المستبين، وتأذّن له بالنصر والتمكين، وأيّده بالعز والبرهان المتين، فاهتدى به من اهتدى، واستنقذ به من