للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتحلّ بنفسك ما يسوءك عاقبته ومغبّته، وتتعرض به لغير الله عز وجل ونكاله، واكتب إلى أمير المؤمنين ما يكون منك إن شاء الله. والسلام».

(اختيار المنظوم والمنثور ٢: ٢٢٢)

[٥٠٨ - رسالة عبد الحميد فى وصف الصيد]

ومن رسائله رسالته التى وصف بها الصيد:

«أطال الله بقاء أمير المؤمنين مؤيّدا بالعز، مخصوصا بالكرامة، ممتّعا بالنعمة، إنه لم يلقّ أحد من المقتنصين، ولا منح متطرّف من المتصيّدين، إلا دون ما لقّانا الله به من اليمن والبركة، ومنحنا من الظفر والسعادة فى مسيرنا، من كثرة الصيد، وحسن المقتنص، وتمكين الجاسة (١) وقرب الغاية، وسهولة المورد، وعموم القدورة (٢)، إلا ما كان من محاولة الطلب، وشدة النّصب، لنافر الصيد، وفائتة (٣) الطّريدة، التى أمعنّا فى الطلب لها، وأعجزنا البهر عن اللّحاق بها، لتفاوت سبقها، ومنقطع هربها ومتفرّق سبلها، ثم آل بنا ذلك إلى حسن الظفر، وتناول الأرب، ونهاية الطرب.

وإنى أخبر أمير المؤمنين أنا خرجنا إلى الصيد بأعدى الجوارح، وأثقف الضّوارى، أكرمها أجناسا، وأعظمها أجساما، وأحسنها ألوانا، وأحدّها أطرافا، وأطولها أعضاء، قد ثقّفت بحسن الأدب، وعوّدت شدة الطلب، وسبرت (٤) أعلام المواقف، وخبرت المجاثم، مجبولة على ما عوّدت، ومقصورة على ما أدّبت، ومعنا من


(١) الجاسة: جمع جائس (كقادة جمع قائد) من جاسوا خلال الغابات: أى تخللوها فطلبوا ما فيها من الصيد، وفى الأصل «الجساسة» من جس، والمعنى عليها صحيح أيضا.
(٢) القدورة: القدرة، وفى الأصل «المقدورة» وهو تحريف.
(٣) فى الأصل «وقائدة» وهو تحريف، والبهر: انقطاع النفس من الإعياء.
(٤) السبر: امتحان غور الجرح وغيره، والمعنى وعرفت، والأعلام جمع علم بالتحريك: وهو ما ينصب فى الطريق ليهتدى به.

<<  <  ج: ص:  >  >>