للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفائس الخيل المخبورة الفراهة (١)، من الشّهرية (٢) الموصوفة بالنّجابة، والجرى والصّلابة، فلم نزل بأخفض سير، وأثقف طلب، وقد أمطرتنا السماء مطرا متداركا فربت منه الأرض، وزهر البقل، وسكن القتام (٣) من مثار السّنابك، ومتشعّبات الأعاصير، مهلة أن سرنا غلوات (٤)، ثم برزت الشمس طالعة، وانكشفت من السحاب مسفرة، فتلألأت الأشجار، وضحك النّوّار (٥)، وانجلت الأبصار، فلم نر منظرا أحسن حسنا، ولا مرموقا أشبه شكلا، من ابتسام نور الشمس عن اخضرار زهرة الرياض، والخيل تمرح بنا نشاطا، وتجتذبنا أعنّتها انبساطا، ثم لم نلبث أن علتنا ضبابة تقصر (٦) طرف الناظر، وتخفى (٧) سبل السلام، تغشانا تارة وتنكشف أخرى، ونحن بأرض دمثة (٨) التراب، أشبة الأطراف، مغدقة (٩) الفجاج، مملوءة صيدا من الظباء والثعالب والأرانب، فأدّانا المسير إلى غابة دونها مألف الصيد، ومجتمع الوحش، ونهاية الطلب، قد جاوزناها ونحن على سبيل الطلب ممعنون، وبكل حرّة (١٠) جونة متفرقون، فرجع بنا العود على البدء، وقد انجلت الضبابة، وامتدّ البصر، وأمكن النظر، فإذا نحن برعلة (١١) من ظباء، وخلفة (١٢) آرام يرتعن


(١) الفاره من الدواب: الجيد السير، وقد فره ككرم فراهة.
(٢) الشهرية: نوع من البراذين (والبراذين من الخيل: ما كان من غير نتاج العراب).
(٣) القتام: الغبار، والسنابك جمع سنبك كقنفذ: وهو طرف الحافر.
(٤) جمع غلوة بالفتح: وهى قدر رمية سهم أبعد ما يقدر عليه، ويقال: هى قدر ثلثمائة ذراع.
إلى أربعمائة.
(٥) الزهر أو الأبيض منه.
(٦) أى تحبسه، وفى الأصل «علقتنا صبابة يقتصر» وهو تحريف.
(٧) فى الأصل «ويحيى» وهو تحريف.
(٨) دمث المكان كفرح: سهل ولان، وأشب الشجر كفرح أيضا: التف، وفى الأصل «أسنه».
(٩) غدقت الأرض كفرح وأغدقت: أخصبت، وأرض غدقة كفرحة: فى غاية الرى، وهى الندية المبتلة الربا الكثيرة الماء.
(١٠) الحرة: أرض ذات حجارة نخرة سود، وفى الأصل «حر» والجونة: السوداء.
(١١) الرعلة: القطيع.
(١٢) أى بقية، يقال: بقى فى الحوض خلفة من ماء: أى بقية، وكل شىء يجىء بعد شىء فهو خلفة.
والآرام جمع رئم بالكسر: وهو الظبى الخالص البياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>