للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثغرك، وما يؤمّل فى قربك من المعاونة والمكانفة على ما حمّله الله وقلده من أمور عباده وبلاده، وفكّر فيما كان أمير المؤمنين الرشيد أوجب لك من الولاية، وأمر به من إفرادك على ما تصيّر إليك منها، فرجا أمير المؤمنين أن لا يدخل عليه وكف (١) فى دينه، ولا نكث فى يمينه، إذ كان إشخاصه إياك فيما يعود على المسلمين نفعه، ويصل إلى عامّتهم صلاحه وفضله، وعلم أمير المؤمنين أن مكانك بالقرب منه أسدّ للثغور، وأصلح للجنود، وآكد للفىء، وأردّ على العامّة، من مقامك ببلاد خراسان، منقطعا عن أهل بيتك، متغيّبا عن أمير المؤمنين، وما يحبّ الاستمتاع به من رأيك وتدبيرك.

وقد رأى أمير المؤمنين أن يولّى موسى ابن أمير المؤمنين فيما يقلّده من خلافتك ما يحدث إليه من أمرك ونهيك، فاقدم على أمير المؤمنين على بركة الله وعونه، بأبسط أمل، وأفسح رجاء، وأحمد عاقبة، وأنفذ بصيرة، فإنك أولى من استعان به أمير المؤمنين على أموره، واحتمل عنه النّصب فيما فيه صلاح أهل بيته وذمّته، والسلام». (تاريخ الطبرى ١٠: ١٤٦)

[١٩٩ - رد المأمون على الأمين]

فكتب إليه المأمون:

«لعبد الله محمد أمير المؤمنين من عبد الله بن هرون:

أما بعد: فقد وصل إلىّ كتاب أمير المؤمنين، وإنما أنا عامل من عمّاله، وعون من أعوانه، أمر الرشيد صلوات الله عليه بلزوم هذا الثّغر ومكايدة من كايد أهله من عدوّ أمير المؤمنين، ولعمرى إن مقامى به أردّ على أمير المؤمنين، وأعظم غناء (٢) على المسلمين، من الشّخوص إلى أمير المؤمنين، وإن كنت مغتبطا


(١) الوكف: العيب والإثم والفساد والضعف.
(٢) الغناء: الكفاية والمنفعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>