للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أرادوا من إفساده، فاليوم فليتعجب المتعجّب من توثّبك يا معاوية على أمر لست من أهله، لا بفضل فى الدين معروف، ولا أثر فى الإسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب، وابن أعدى قريش لرسول الله صلى الله عليه وآله ولكتابه، والله حسيبك، فستردّ وتعلم لمن عقبى الدار، وبالله لتلقينّ عن قليل ربّك، ثم ليجزينّك بما قدّمت يداك، وما الله بظلام للعبيد.

إن عليّا لما مضى لسبيله- رحمة الله عليه يوم قبض، ويوم منّ الله عليه بالإسلام، ويوم يبعث حيا- ولّانى المسلمون الأمر بعده، فأسأل الله أن لا يؤتينا فى الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به فى الآخرة مما عنده من كرامة، وإنما حملنى على الكتاب إليك الإعذار فيما بينى وبين الله عزّ وجل فى أمرك ولك فى ذلك إن فعلته الحظّ الجسيم، والصلاح للمسلمين، فدع التمادى فى الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتى، فإنك تعلم أنى أحق بهذا الأمر منك عند الله وعند كل أوّاب (١) حفيظ ومن له قلب منيب، واتق الله ودع البغى واحقن دماء المسلمين، فو الله مالك خير فى أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به، وادخل فى السّلم والطاعة، ولا تنازع الأمر أهله، ومن هو أحق به منك، ليطفئ الله النائرة (٢) بذلك، ويجمع الكلمة، ويصلح ذات البين، وإن أنت أبيت إلا التمادى فى غيك، سرت إليك بالمسلمين، فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين». (شرح ابن أبى الحديد م ٤: ص ١٢)

[صورة أخرى لرد معاوية على الحسن]

وروى أيضا: رد معاوية على الحسن بصورة أخرى وهى:

فكتب معاوية إليه:

من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسن بن على: سلام عليك فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، أما بعد: فقد بلغنى كتابك، وفهمت ما ذكرت به


(١) آب إلى الله تعالى: رجع عن ذنبه وتاب، فهو أواب، مبالغة.
(٢) النائرة: العداوة والشحناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>