للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صورة أخرى لكتاب الحجاج إلى المهلب]

وقال الطبرى فى هذا الصدد:

وبعث الحجاج إلى المهلّب البراء بن قبيصة وكتب إلى المهلب:

«أما بعد، فإنك والله لو شئت فيما أرى لقد اصطلمت (١) هذه الخارجة المارقة، ولكنك تحبّ طول بقاتهم لتأكل الأرض حولك، وقد بعثت إليك البراء بن قبيصة لينهضك إليهم فانهض إليهم إذا قدم عليك بجميع المسلمين، ثم جاهدهم أشدّ الجهاد، وإياك والعلل والأباطيل (٢) والأمور التى ليست لك عندى بسائغة ولا جائزة، والسلام (٣)».

[صورة أخرى لرد المهلب على الحجاج]

فكتب المهلب إلى الحجاج:

«أما بعد: فقد أتانى كتاب الأمير- أصلحه الله- واتّهامه إياى فى هذه الخارجة المارقة، وأمرنى الأمير بالنهوض إليهم، وإشهاد رسوله ذلك، وقد فعلت، فليسأله عما رأى، فأمّا أنا فو الله لو كنت أقدر على استئصالهم، أو إزالتهم عن مكانهم ثم أمسكت عن ذلك، لقد غششت المسلمين، وما وفيت لأمير المؤمنين، ولا نصحت


(١) اصطلمه: استأصله.
(٢) الأباطيل: جمع أبطولة بضم الهمزة، أو جمع إبطالة بالكسر، أو جمع باطل على غير قياس.
(٣) قال: فأخرج المهلب بنيه، كل ابن له فى كتيبة، وأخرج الناس على راياتهم ومصافهم وأخماسهم، وجاء البراء بن قبيصة فوقفه على تل قريب منهم حيث يراهم، فأخذت الكتائب تحمل على الكتائب والرجال على الرجال، فيقتتلون أشد قتال رآه الناس من صلاة الغداة إلى انتصاف النهار ثم انصرفوا، فجاء البراء إلى المهلب فقال له لا والله ما رأيت كبنيك فرسانا قط، ولا كفرسانك من العرب فرسانا قط، ولا رأيت مثل قوم يقاتلونك قط أصبر ولا أبأس، أنت والله المعذور، فرجع بالناس المهلب حتى ذا كان عند العصر خرج إليهم بالناس وبنيه فى كتائبهم فقاتلوه كقتالهم فى أول مرة، حتى حجز الليل بينهم فانصرفوا عند الماء، قال المهلب للبراء. كيف رأيت؟ قال: رأيت قوما والله ما يعينك عليهم إلا الله، فأحسن إلى البراء وأجازه وحمله وكساه وأمر له بعشرة آلاف درهم، ثم انصرف إلى الحجاج فأتاه بعذر المهلب وأخبره بما رأى.

<<  <  ج: ص:  >  >>