للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمبتدأ به ليمنه وبركته، والمختوم به لطيبه ونظافته، وأما ما سوى ذلك، فالمعبّر عنا فيه كتاب الله تعالى، إذ يقول: «ليس على الضّعفاء ولا على المرضى ولا على الّذين لا يجدون ما ينفقون حرج، إذا نصحوا لله ورسوله، ما على المحسنين من سبيل، والله غفور رحيم» (١).

(العقد الفريد ٣: ٣٠٨)

[٧ - رواية أخرى]

وفى رواية أخرى، أن يحيى بن خالد بن برمك، عزم على ختان ولده، فأهدى إليه وجوه الدولة كلّ منهم بحسب حاله وقدرته، فصنع بعض المتجمّلين العاجزين خريطتين (٢)، وملأ إحداهما ملحا مطيّبا، والأخرى سعدا (٣) معطّرا، وكتب معهما رقعة فيها:

«لو تمّت الإرادة، لأسعفت العادة، ولو ساعدت القدرة على بلوغ النعمة، لتقدّمت السابقين إلى خدمتك، وأتعبت المجتهدين فى كرامتك، لكن قعدت بى القدرة عن مساواة أهل النعمة، وقصّرت بى الجدة (٤) عن مباهاة أهل المكنة (٥)، وخشيت أن تطوى صحيفة البرّ، وليس لى فيها ذكر، فأنفذت المفتتح بيمنه وبركته، وهو الملح، والمختتم بطيبه ونظافته وهو السّعد، باسطا يد المعذرة، صابرا على ألم التقصير، متجرّعا غصص الاقتصار على اليسير، والقائم بعذرى فى ذلك:

«ليس على الضّعفاء ولا على المرضى ولا على الّذين لا يجدون ما ينفقون حرج»


(١) وق رواية الصولى، فى كتاب الأوراق ٢: ٣٠ «عن إسحق قال: طهرت بعض ولدى، فكتب إلى إبراهيم بن المهدى: «لولا أن البضاعة قصرت عن الهوى، لأتبعت السابقين إلى برك، وحسبك أن تطوى صحيفة البر؛ وليس لى فيها برة، وقد بعثت إليك ما المبتدأ به ليمنه، والمختوم به لطيبه ورائحته، جراب ملح، وجراب أشنان».
(٢) الخريطة وعاء من أدم وغيره.
(٣) السعد. نبت طيب الريح.
(٤) الجدة: الغنى.
(٥) المكنة: القوة والشدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>