للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخذه بالأمر الجزم، وخيّره بين حرب مجية (١)، أو سلم مخزية، فإن اختار الحرب فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحبّ الخائنين، وإن اختار السلم فخذ بيعته وأقبل إلىّ والسلام».

(العقد الفريد ٢: ٢٣٢ ونهج البلاغة ٢: ٦ وشرح ابن أبى الحديد م ١: ص ٢٥١)

[٣٨٧ - كتاب عياض الثمالى إلى شرحبيل بن السمط]

وكتب معاوية بإشارة عمرو بن العاص إلى شرحبيل بن السّمط الكندى، وهو بحمص (وكان رأس اليمنيّة وشيخها والمقدّم عليها) «إن جرير بن عبد الله قدم علينا من عند علىّ بن أبى طالب بأمر مفظع (٢) فأقدم» ودعا معاوية يزيد بن أسد، وبسر ابن أرطاة، وعمرو بن سفيان، ومخارق بن الحرث الزّبيدى، وحمزة بن مالك، وحابس ابن سعد الطائى، وهؤلاء رءوس قحطان واليمن، وكانوا ثقات معاوية وخاصّته، وبنى عم شرحبيل بن السمط، فأمرهم أن يلقوه ويخبروه أن عليّا قتل عثمان، فلما قدم كتاب معاوية على شرحبيل، استشار أهل اليمن فاختلفوا عليه، وأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية، فكتب إليه عياض الثّمالى (٣) - وكان ناسكا-:

يا شرح يا بن السّمط: إنك بالغ ... بودّ علىّ ما تريد من الأمر

يا شرح إن الشام شأمك، ما بها ... سواك، فدع عنك المضلّل من فهر (٤)

فإن ابن هند ناصب لك خدعة ... تكون علينا مثل راغية البكر (٥)


(١) أى حرب تجلى المقهورين فيها عن ديارهم أى تخرجهم، والسلم: الصلح، يؤنث ويذكر، وسلم مخزية: أى فاضحة، وإنما جعلها مخزية لأن معاوية امتنع أولا عن البيعة، وفى رواية العقد «حرب معضلة» وفى ابن أبى الحديد «بين حرب مخزية أو سلم محظية».
(٢) قطع الأمر فهو قظيع، وأقطع فهو مفظع.
(٣) بنو ثمالة: بطن من الأزد.
(٤) فهر: هو قريش.
(٥) من أمثال العرب «كانت عليهم كراغية البكر» والراغية: الرغاء، والبكر: ولد الناقة.
يعنون رغاء بكر ثمود حين عقر الناقة قدار بن سالف. وهو مثل يضرب فى التشاؤم بالشئ.

<<  <  ج: ص:  >  >>