للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبولا من الله تبارك وتعالى لقوله، وانتهاء إلى أمره، ووليك الله فى هذه المصيبة بأعظم الأجر، وأجزل الذّخر، وألهمك الله فى النعم أحسن ما ألهمه محتملا لنعمة، أو قائما بحق، وسرّبك من بعد من كنا نضنّ ببقائه، ونشحّ على حياته، ونعتدّ بنعمة الله فيه، نضّر الله وجهه، ونسأل الله أن يهب له جزاء الآخرة، وشريف منازلها، ومرافقة النبى صلى الله عليه وسلم أفضل ما نقله عنه من حظوظ الدنيا التى قد كان نشأ فيها، وتقلّب فى أعلى مراتبها، وأثابه الله أجلّ ما أثاب شاكرا لأنعمه، مؤدّيا لما يستحقّ به من طاعته، وهنأك الله ما أعطاك من رأى خليفته، ووفّقك لاستقبال ما تستدعى به مرضاته، والزّلمة لديه، بقدرته».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣١٥)

[٣٤ - كتابه إلى إسحق بن إبراهيم]

وكتب الحسن بن وهب، إلى إسحق بن إبراهيم يعزيه، عن يحيى بن خاقان:

«صرف الله المكاره كلّها عن الأمير، وأبعدها عن جنابه ومقرّ داره، ولا فجعه بولىّ يؤيّد عزّه، وينهى (١) بفضائله، ويقدح بزنده، ويحطب فى حبله، ويرادى من راداه (٢) وعند (٣) عن طاعته، كان يحيى بن خاقان أحد الشيوخ، أو شيخ الشيوخ العارفين بفضائل الأمير، الحافظين لمآثر أسلافه، فلا أعلمنى رأيت فى دار الأمير رجلا أصفى من جانبه، ولا أطهر من محبّته، ولا غائبا كان يغيب عنها بأنقى من غيبه، وسريرته، ولا أنصح من جيبه ونيّته، وكان لى مع ذلك أبا بعد أبى، وكافلا بعد من كان يكفلنى، وكانت عنايته بلغتنى، حتى خلطنى بإخوته وأقاربه.


(١) أنهى الشىء: أبلغه.
(٢) رادى عن القوم. رمى عنهم بالحجارة.
(٣) عند عن الطريق كنصر وسمع وكرم: مال.

<<  <  ج: ص:  >  >>