للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لرحم الأبوّة، فعليك من ولد عاقّ مشاق (١) لعنة الله ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين، ولا قبل الله لك صرفا ولا عدلا (٢)، ولا ترك لك منقلبا ترجع إليه، وحذلك خذلان من لا يؤبه (٣) له، وأثكلك ولا أمهلك، ولا حاطك ولا حفظك، فو الله لأستعملنّ لعنك فى دبر كل صلاة، والدعاء عليك فى آناء الليل والنهار، والغدوّ والآصال، ولأكتبنّ إلى مصر وأجناد الشامات والثغور وقنّسرين والعواصم والجزيرة والحجاز ومكّة والمدينة، كتبا تقرأ على منابرها فيك، باللّعن لك، والبراءة منك، والدّلالة على عقوقك وقطيعنك، يتناقلها آخر عن أوّل، ويأثرها (٤) غابر عن ماض، ونخلّد فى بطون الصحائف، وتحملها الرّكبان، ويتحدّث بها فى الآفاق، وتلحق بك وبأعقابك عارا، ما اطّرد الليل والنهار، واختلف الظلام والأنوار.

فحينئذ تعلم أيها المخالف أمر أبيه، القاطع رحمه، العاصى ربّه، أىّ جناية على نفسك جنيت، وأىّ كبيرة اقترفت واجتنيت؟ وتتمنى لو كانت فيك مسكة (٥)، أو فيك فضل إنسانية، أنك لم تكن ولدت، ولا فى الخلق عرفت، إلا أن تراجع من طاعتنا، والإسراع إلى ما قبلنا، خاضعا ذليلا كما يلزمك، فتقيم الاستغفار مقام اللعنة، والرّقّة مقام الغلظة، والسلام على من سمع الموعظة فوعاها، وذكر الله فاتقاه، إن شاء الله تعالى».

(صبح الأعشى ٧: ٥)

[٢٥٥ - كتاب بمذهب القرامطة]

قال الطبرى:

وفى سنة ٢٧٨ هـ وردت الأخبار بحركة قوم يعرفون بالقرامطة بسواد


(١) أى مخالف، وفى الأصل «شاق» وهو تحريف.
(٢) الصرف: التوبة، العدل: الفدية.
(٣) أى لا يحتفل به لحقارته.
(٤) أى ينقلها ويرويها.
(٥) المسكة: ما يتمسك به.

<<  <  ج: ص:  >  >>