فلم يلبث أن ورد البشير على عمر بفتح الله على أبى عبيدة وهزم المشركين.
(كتاب الخراج ص ١٧٧)
[١٥٥ - كتب بين أبى عبيدة وبين عمر]
ولما وقع بالشأم طاعون عمواس (١) سنة ١٨ هـ، وقيل سنة ١٧ هـ واشتعل الوجع فى الناس، وبلغ ذلك عمر، كتب إلى أبى عبيدة ليستخرجه منه:
«سلام عليك، أما بعد: فإنه قد عرضت لى إليك حاجة أريد أن أشافهك فيها، فعزمت عليك إذا نظرت فى كتابى هذا ألّا تضعه من يدك حتى تقبل إلىّ».
*** فعرف أبو عبيدة أنه إنما أراد أن يستخرجه من الوباء، وقال: يغفر الله لأمير المؤمنين! ثم كتب إليه:
«يا أمير المؤمنين إنى قد عرفت حاجتك إلىّ، وإنى فى جند من المسلمين لا أجد بنفسى رغبة عنهم، فلست أريد فراقهم حتى يقضى الله فىّ وفيهم أمره وقضاءه، فحلّلنى من عزمتك يا أمير المؤمنين ودعنى فى جندى».
*** فلما قرأ عمر الكتاب بكى، فقال الناس: يا أمير المؤمنين، أمات أبو عبيدة؟
قال: لا، وكأن قد، ثم كتب إليه:
(١) «ضبط فى لسان العرب بفتح أوله وسكون ثانيه، وقال ياقوت فى معجمه: رواه الزمخشرى بكسر أوله وسكون الثانى، ورواه غيره بفتح أوله وثانيه، هى كورة من فلسطين بالقرب من بيت المقدس على ستة أميال من الرملة، ومنها كان ابتداء الطاعون فى أيام عمر بن الخطاب ثم فشا فى أرض الشأم».