للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٢٦ - كتابه فى ذم ابن ثوابة]

ولأحمد بن أبى طاهر فى ذم ابن ثوابة حين ولى طساسيج (١) الكوفة:

«أما بعد، فإن فلانا قدم علينا شامخا بأنفه، عاقدا لعنقه، ذاهبا بنفسه، يرى أن الجنة خلقت لمن أطاعه، والنار لمن عصاه، وأن الملائكة المقرّبين لم تنزل على من نزلت عليه من الأنبياء إلّا بتوكيد ذلك له، فلا يعذّب الله العباد إلا على معصيته، ولا يثيبهم إلا على طاعته، ولا أن الصّيحة أخذت قوم ثمود إلا لاعتراض كان منهم على أوّليّة أجداده، ولم يرسل الله الرّيح العقيم على قوم عاد إلا عن خلاف كان منهم لآبائه، وأن الواجب على هذه الأمّة، والفرض المحتوم الذى لا يقبل منهم غيره، طاعته وقلة الخلاف عليه، بالاستحقاق منه لذلك فى نفسه، وللوراثة عن آبائه وأجداده، كأنه قدار (٢) عاقر ناقة ثمود فى خلقته، وفرعون ذو الأوتاد فى جبريّته، يحسب الجود ذلّا، والبخل عزا، والجور عدلا، وأنّ ما نهى الله عنه من قبيح فهو الجميل الذى أمره به، وما أمر به من جميل فهو القبيح الذى نهاه عنه، لا يستكثر الخلافة فيحدّث بها نفسه تيها، ولا النّبوة يتمناها على ربّه عجبا، وإذا قعد على فرشه وأخذ مجلسه، ورمى بطرفه فى منازله، دخلته العزّة، وعلمه الأبّهة، وغلب عليه الكبر، حتى يخيّل إليه أن بيت الله الحرام بعض داره، وأن ضحنها هو الصّرح الممرّد (٣) الذى ذكره الله فى كتابه، وأنّ مهبط الملائكة على ظهر كنيسته، وبئر زمزم من بعض آباره، وما بين الصّفا والمروة مراغة لدوابّه، يضع من قدر نفسه، ويرفع من قدر


(١) طساسيج جمع طسوج (بفتح الطاء وضم السين المشددة): وهو الناحية، وجاء فى ترجمة ابن ثوابه فى معجم الأدباء «وكان عبيد الله بن سليمان الوزير قد صرف أحمد بن محمد بن ثوابة عن طساسيج كان يتقلدها .... ».
(٢) هو قدار بن سالف.
(٣) الصرح: القصر وكل بناء عال، والممرد: المملس، يشير إلى قوله تعالى:
«قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ».

<<  <  ج: ص:  >  >>