للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعسورها، ومحبوبها ومكروهها، من استعمله كان شكر الله أولى به من صبره، فيوجب له بالشكر على النعمة المزيد، وبالصبر على المصيبة الأجر، بما أدّى من الحق فى نفسه، واقتدى به أهل دهره». (اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣٠٦)

[٤٨٢ - رسالة عبد الحميد فى وصف الإخاء]

ولعبد الحميد فى وصف الإخاء:

«فإن أولى ما اعتزم عليه ذوو الإخاء، وتواصل عليه (١) أهل المودّات، ما دعا أسبابه صدق التقوى، وبنيت دعائمه على أساس البرّ، ثم أنهد البناء حريز التواصل (٢) وشيّده مستعذب العشرة، فادّعم قويّا، وصفا مونقا (٣) وأخلصته المقة (٤) منعطفة، وسكنت به القلوب أنيسة، وسمت من مواصلته الهمم مستعلية عن كل زائغ معتاق (٥) ومخوف عارض يخترم مسكة الإخاء، ويحتزّ مربوب (٦) المقة، ضنّا بما استعذبوا من محمود وثائقه، وازديادا فيما تمطّقوا به من حلاوة جناه (٧) فإذا استحكم لهم مذخور الصّفاء بثبات أواخيه (٨)، وظهور أعلامه، ومحصول مختبره، وثقة مودّه، كان سرورهم باعتلاقه (٩)، وابتهاجهم بوجدانه (١٠)، وإنماؤهم (١١) صلته، وبذلهم رعايته، وحياطتهم محموده، بحيث نالوا من معرفة حظوته، واستولوا عليه


(١) فى الأصل «وتوصل إليه».
(٢) فى الأصل «ثم انهد البنامرين التواصل» وهو تحريف: ونهد كمنع: ارتفع، وأنهده: رفعه، والحريز: الحصين.
(٣) أى معجبا.
(٤) المقة: المحبة، ومقه كورثه: أحبه، وفى الأصل «وبخاصه» وهو تحريف وقد أصلحته كما ترى.
(٥) الزائغ: المائل، والمعتاق: المعوق، عاقه وعوقه واعتاقه: ثبطه وصرفه.
(٦) المسكة بالضم: ما يتمسك به، ورب المعروف والصنيعة ورببها: نماها وزادها وأتمها، ويحتز: يقطع. وفى الأصل «ويختار» وأراه محرفا. والضن: البخل.
(٧) التمطق: التذوق، والجنى: العسل
(٨) الأواخى: جمع آخية بتخفيف الياء فيهما، والأواخى جمع آخية بتشديدها فيهما: عروة تربط إلى وتد مدقوق وتشد فيها الدابة.
(٩) أى بالتعلق به.
(١٠) أى بوجوده.
(١١) فى الأصل «وإنما هم» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>