للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٥٨ - كتاب أم الشريف إلى ابن أخيها محمد ابن أحمد بن عيسى]

وفى سنة ٢٨٦ هـ أناخ المعتضد بحنده على «آمد (١)»، وقد تحصّن بها محمد بن أحمد ابن عيسى، فبثّ المعتضد جيوشه حولها وحاصرها، ووجّه شعلة بن شهاب اليشكرىّ إليه، ليأخذ بالحجة عليه، فسار إليه، واتصل الخبر بأم الشريف عمة محمد ابن أحمد، فتحدثت إليه فى أمر ابن أخيها، ثم كتبت معه إليه كتابا لطيفا حسنا، أجزلت فيه الموعظة، وأخلصت فيه النصيحة.

وكتبت فى آخره هذه الأبيات:

إقبل نصيحة أمّ قلبها وجع ... عليك خوفا وإشفاقا وقل سددا (٢)

واستعمل الفكر فى قولى، فإنك إن ... فكّرت ألفيت فى قولى لك الرّشدا

ولا تثق برجال فى قلوبهم ... ضغائن تبعث الشّنآن والحسدا (٣)

مثل النّعاج خمول فى بيوتهم ... حتى إذا أمنوا ألفيتهم أسدا

وداو ذلك والأدواء ممكنة ... وإذ طبيبك قد ألقى إليك يدا

أعط الخليفة ما يرضيه منك، ولا ... تمنعه مالا ولا أهلا ولا ولدا

واردد أخا يشكر ردّا يكون له ... ردءا من السّوء، لا تشمت به أحدا

فأخذ شعلة الكتاب وسار به إلى محمد بن أحمد، فلما نظر فيه رمى به إليه، ثم قال: يا أخا يشكر، ما بآراء النساء تساس الدول، ولا بعقولهن يساس الملك، ارجع إلى صاحبك، فرجع إلى المعتضد وأخبره الخبر وأراه كتاب أم الشريف فأعجبه شعرها وعقلها.

(مروج الذهب ٢: ٤٦٨)


(١) آمد: مدينة من مدن ديار بكر.
(٢) السدد والسداد: الاستقامة.
(٣) الشنآن بسكون النون وفتحها: البغض.

<<  <  ج: ص:  >  >>