للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما حيينا، كان أهون علينا من هلاكنا، فخالفه شريح، ونادى: يا أهل الإسلام من أراد منكم الشهادة فإنىّ، فاتبعه فرسان الناس، وأهل الحفاظ، فقاتلوا حتى أصيبوا إلا قليلا، وقاتل حتى قتل فى ناس من أصحابه، ونجا من نجا، فخرجوا من بلاد رتبيل، وبلغ ذلك الحجاج فكتب إلى عبد الملك:

«أما بعد، فإن جند أمير المؤمنين الذين بسجستان أصيبوا فلم ينج منهم إلا القليل وقد اجترأ العدوّ بالذى أصابه على أهل الإسلام، فدخلوا بلادهم، وغلبوا على كل حصونهم وقصورهم، وقد أردت أن أوجّه إليهم جندا كثيفا من أهل المصرين، فأحببت أن أستطلع رأى أمير المؤمنين فى ذلك، فإن رأى لى بعثة ذلك الجند أمضيته، وإن لم ير ذلك فإن أمير المؤمنين أولى بجنده مع أنى أتخوّف إن لم يأت رتبيل ومن معه من المشركين جند كثيف عاجلا، أن يستولوا على ذلك الفرج (١) كلّه». (تاريخ الطبرى ٧: ٢٨٢)

[٢٢٦ - رد عبد الملك على الحجاج]

فكتب إليه عبد الملك:

«أما بعد، فقد أتانى كتابك تذكر فيه مصاب المسلمين بسجستان، وأولئك قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وعلى الله ثوابهم، وأما ما أردت أن يأتيك فيه رأيى من توجيه الجنود وإمضائها إلى ذلك الفرج الذى أصيب فيه المسلمون أو كفّها، فإن رأيى فى ذلك أن تمضى رأيك راشدا موفّقا».

فجهّز الحجاج عشرين ألف رجل من أهل الكوفة، ومثلهم من أهل البصرة، وجدّ فى ذلك وشمر، وبعث عليهم عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فخرج بهم حتى قدم سجستان سنة ٨٠ هـ. فجمع أهلها وخطبهم، فقال: إن الأمير الحجاج ولّانى ثغركم،


(١) الفرج: الثغر وموضع المخافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>