(٢) وذلك أنه أقبل على من كان معه من أصحابه ممن يرى رأى الخوارج، فأسر لهم أنى أرى رأيكم، فإن عليا لن ينبغى له أن يحكم الرجال فى أمر الله. وقال للآخرين مندد الهم: إن عليا حكم حكما ورضى به، فخلعه حكمه الذى ارتضاه لنفسه، فقد رضيت أنا من قضائه وحكمه ما ارتضاه لنفسه- وهذا كان الرأى الذى خرج عليه من الكوفة- وقال سرا لمن يرى رأى عثمان: أنا والله على رأيكم، قد والله قتل عثمان مظلوما، فأرضى كل صنف منهم، وأراهم أنه معهم، وقال لمن منع الصدقة: شدوا أيديكم على صدقاتكم، وصلوا بها أرحامكم، وعودوا بها إن شئتم على فقرائكم، وقد كان فيهم نصارى كثير قد أسلموا، فلما اختلف الناس بينهم، قالوا. والله لديننا الذى خرجنا منه خير وأهدى من دين هؤلاء الذى هم عليه، ما ينهاهم دينهم عن سفك الدماء، وإخافة السبيل، وأخذ الأموال، فرجعوا إلى دينهم، فلقى الخريت أولئك فقال لهم: ويحكم! أتدرون حكم على فيمن أسلم من النصارى، ثم رجع إلى نصرانيته؟ لا والله ما يسمع لهم قولا، ولا يرى لهم عذرا، ولا يقبل منهم توبة، وإن حكمه فيهم لضرب العنق ساعة يستمكن منهم، فما زال حتى جمعهم وخدعهم، وجاء من كان من بنى ناجية ومن كان فى تلك الناحية من غيرهم، واجتمع إليهم ناس كثير.