للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أما بعد: فالحمد لله على تأييد أوليائه، وخذلان أعدائه، جزاك الله والمسلمين خيرا، فقد أحسنتم البلاء، وقضيتم ما عليكم، وسل عن أخى بنى ناجية، فإن بلغك أنه قد استقر ببلد من البلدان، فسر إليه حتى تقتله أو تنفيه، فإنه لن يزال للمسلمين عدوّا، وللقاسطين (١) وليّا، ما بقى، والسلام عليك».

فسأل معقل عن مستقرّه، فنبّئ بمكانه بالأسياف، وأنه قد ردّ قومه عن طاعة علىّ، وأفسد من قبله من عبد القيس ومن والاهم من سائر العرب، وكان قومه قد منعوا الصدقة عام صفّين (سنة ٣٧ هـ) ومنعوها فى ذلك العام أيضا، فسار إليهم معقل، فلما سمع الخريت بسيره إليه، احتال فاستمال إليه الناس (٢) كما استمال إليه قوما من النصارى كانوا أسلموا، ثم ارتدوا إلى النّصرانية، وتبعه خلق كثير:

(تاريخ الطبرى ٦: ٧٢، وشرح ابن أبى الحديد م ١: ص ٢٦٨)

٤٨٠ - كتاب علىّ إلى أشياع الخريت

ولما انتهى إليهم معقل بن قيس بالأسياف قرأ عليهم كتابا من علىّ، فيه:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله على أمير المؤمنين، إلى من يقرأ عليه كتابى هذا من المؤمنين والمسلمين والمارقين والنصارى والمرتدين:


(١) أى الجائرين.
(٢) وذلك أنه أقبل على من كان معه من أصحابه ممن يرى رأى الخوارج، فأسر لهم أنى أرى رأيكم، فإن عليا لن ينبغى له أن يحكم الرجال فى أمر الله. وقال للآخرين مندد الهم:
إن عليا حكم حكما ورضى به، فخلعه حكمه الذى ارتضاه لنفسه، فقد رضيت أنا من قضائه وحكمه ما ارتضاه لنفسه- وهذا كان الرأى الذى خرج عليه من الكوفة- وقال سرا لمن يرى رأى عثمان: أنا والله على رأيكم، قد والله قتل عثمان مظلوما، فأرضى كل صنف منهم، وأراهم أنه معهم، وقال لمن منع الصدقة:
شدوا أيديكم على صدقاتكم، وصلوا بها أرحامكم، وعودوا بها إن شئتم على فقرائكم، وقد كان فيهم نصارى كثير قد أسلموا، فلما اختلف الناس بينهم، قالوا. والله لديننا الذى خرجنا منه خير وأهدى من دين هؤلاء الذى هم عليه، ما ينهاهم دينهم عن سفك الدماء، وإخافة السبيل، وأخذ الأموال، فرجعوا إلى دينهم، فلقى الخريت أولئك فقال لهم: ويحكم! أتدرون حكم على فيمن أسلم من النصارى، ثم رجع إلى نصرانيته؟ لا والله ما يسمع لهم قولا، ولا يرى لهم عذرا، ولا يقبل منهم توبة، وإن حكمه فيهم لضرب العنق ساعة يستمكن منهم، فما زال حتى جمعهم وخدعهم، وجاء من كان من بنى ناجية ومن كان فى تلك الناحية من غيرهم، واجتمع إليهم ناس كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>