للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضى الله عنه أخربهم بعمارة مروءته، وقطعهم بصلة (١) فضله، فالله يجزيه بجميل أثره، ويخلف عليهم ما هو أهله، فإن رأى الأمير أن يضمّهم إليه، ويحقّق ثقة أبيهم كانت به، ويجرى على أمّه ما يقوم بعصمتها وصيانتها، فعل إن شاء الله».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٣١٨)

[١٣٤ - كتابه إلى أحمد بن دينار]

وكتب إلى أحمد بن دينار:

«نحن من السرور أيها الأمير بما قد استفاض من جميل أثرك فيما تلى من أعمالك، وزمّك إياها بحزمك وعزمك، وانتياشك (٢) أهلها من جور من وليهم قبلك، وسرورهم بتطاول أيامك، والكون فى ظلّ يدك وجناحك، فى إعانة من تخصّه وتعمّه نعمتك، وتحول به الحول حيث حالت بك، فالحمد لله الذى جعل العاقبة لك، ولم يردد علينا آمالنا فيك منكوسة، كما ردّها على غيرنا فى غيرك، ولوددت أن أباك كان عاين آثارك هذه ومناقبك، وإن كان الافتراق لم يقع بينكما حتى علم أنك خلفه، وألقى إليك بأمره ومعاقد ثقته، وجعلك موضع اختصاصه وأثرته، وصرف ذلك عمن كان لا يستحقه، وذمّ سالف رأيه فيك وفيه، وحمد آخره، ثم نعمة اتصلت لك بما قبلها، انتظمت بها أمورك فاعتدلت، وتلاحمت عليها واتّسقت: ما منحت فى كاتبك، ومستقرّ ثقتك، وحامل أعبائك، من الكفاية والنصيحة، ووضعه عن قلبك مئونة التّهمة والقصّ لأثره، وإدخاله راحة الطمأنينة إليه، وروح الثقة به، لا كما ابتلى أخوك (٣)، فإنه صحبه فخلط عليه أمره، وأفشى أسراره إلى صاحب بريده، فأنفل (٤) ذلك بينهم، وقطّع حبالهم، حتى هجّنت (٥)


(١) فى الأصل «بعقلة».
(٢) انتاشه. انتشله واستنقذه.
(٣) جاء فى تاريخ الطبرى ١٠: ٣٦٢ «وفى سنة ٢٢٤ - فى خلافة المعتصم- ولى جعفر بن دينار اليمن» وجاء فيه أيضا ١١: ١٨ «وفى سنة ٢٣١ ولى الواثق جعفر بن دينار اليمن».
(٤) الإنفال: أخذ الرجل الفأس لقطع القتاد لإبله، والمعنى هنا فقطع.
(٥) أى قبحت

<<  <  ج: ص:  >  >>