للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤٨٧ - رد هشام على الوليد]

فكتب هشام إلى الوليد:

«قد فهم أمير المؤمنين ما كتبت به، من قطع ما قطع عنك وغير ذلك، وأمير المؤمنين يستغفر الله من إجرائه ما كان يجرى عليك، وأمير المؤمنين أخوف على نفسه من اقتراف المآثم عليها فى الذى كان يجرى عليك منه فى الذى أحدث من قطع ما قطع ومحو ما محا من صحابتك، لأمرين: أمّا أحدهما فإيثار أمير المؤمنين إياك بما كان يجرى عليك، وهو يعلم وضعك له، وإنفاقكه فى غير سبيله، وأما الآخر فإثبات صحابتك وإدرار أرزاقهم عليهم، لا ينالهم ما ينال المسلمين فى كل عام من مكروه عند قطع البعوث، وهم معك تجول بهم فى سفهك، ولأمير المؤمنين أحرى فى نفسه للتقصير فى القتر (١) عليك، منه للاعتداء عليك فيها، مع أن الله قد بصّر (٢) أمير المؤمنين فى قطع ما قطع عنك من ذلك ما يرجو به تكفير ما يتخوّف مما سلف فيه منه.

وأمّا ابن سهيل، فلعمرى لئن كان نزل منك بما نزل، وكان أهلا أن تسرّ فيه أو تساء، ما جعله الله كذلك، وهل زاد ابن سهيل- لله أبوك- على أن كان مغنّيا زفّانا (٣) قد بلغ فى السّفه غايته؟ وليس ابن سهيل مع ذلك بشرّ ممن تستصحبه فى الأمور التى يكرم أمير المؤمنين نفسه عن ذكرها، مما كنت لعمر الله أهلا للتوبيخ به، ولئن كان أمير المؤمنين على ظنّك به فى الحرص على فسادك،


(١) قتر عليه كنصر وضرب، وقتر: ضيق فى النفقة، والمعنى: ولأمير المؤمنين أحرى بأن تنسب للتقصير بك والقتر عليك (لما تجول فيه من سفهك) من أن ينسب للاعتداء عليك، وضمير «فيها» يعود على «نفسه».
(٢) أى عرفه وجعله يبصر ما يرجو به تكفير ما يتخوف ... الخ، وفى الأصل «نصر» وأراه مصحفا
(٣) الزفان: الرقاص، من زفن كضرب: أى رقص.

<<  <  ج: ص:  >  >>