للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أما بعد، فإنى أخبر أمير المؤمنين- أكرمه الله- أنى بعثت عبد العزيز ابن عبد الله فى طلب الخوارج، وأنهم لقوه بفارس، فاقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم عبد العزيز لمّا انهزم عنه الناس، وقتل مقاتل بن مسمع (١)، وقدم الفلّ (٢) إلى الأهواز، فأحببت أن أعلم أمير المؤمنين ذلك، ليأتينى رأيه وأمره أنزل عنده إن شاء الله، والسلام عليك ورحمة الله». (تاريخ الطبرى ٧: ١٩٣)

[١٤٢ - رد عبد الملك عليه]

فكتب إليه عبد الملك بن مروان:

«أما بعد، فقد قدم رسولك فى كتابك (٣)، تعلمنى فيه بعثك أخاك على قتال الخوارج، وهزيمة من هزم، وقتل من قتل، وسألت رسولك عن مكان المهلب، فحدّثنى أنه عامل لك على الأهواز، فقبح الله رأيك! حين تبعث أخاك أعرابيا من أهل مكة على القتال، وتدع المهلب إلى جنبك يجبى الخراج، وهو الميمون النّقيبة (٤)، الحسن السياسة، البصير بالحرب، المقاسى لها، ابنها وابن أبنائها، انظر أن تنهض بالناس، حتى تستقبلهم بالأهواز ومن وراء الأهواز، وقد بعثت إلى بشر أن يمدّك بجيش من أهل الكوفة، فإذا أنت لقيت عدوّك فلا تعمل فيهم برأى، حتى تحضره المهلب وتستشيره فيه إن شاء الله، والسلام عليك ورحمة الله».


- فغار رجل من قومها «عبد القيس» وكان من رءوس الخوارج يقال له أبو الحديد العبدى، فقال:
تنحوا هكذا، ما أرى هذه المشركة إلا قد فتنتكم، فضرب عنقها، فأخذوه إلى أميرهم قطرى بن الفجاءة فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن هذا استهلك تسعين ألفا من بيت المال، وقتل أمة من إماء المؤمنين، فقال:
يا أمير المؤمنين إنى رأيت هؤلاء تنازعوا عليها حتى ارتفعت الأصوات، واحمرت الحدق، فلم يبق إلا الخبط بالسيوف، فرأيت أن تسعين ألفا فى جنب ما خشيت من الفتنة بين المسلمين هينة، فقال قطرى: قد أصبت وأحسنت، خلوا عنه، عين من عيون الله أصابتها.
(١) وكان خالد بن عبد الله بعثه على جيش وألحقه بناحية عبد العزيز.
(٢) أى المنهزمون.
(٣) فى هنا للمصاحبة كما فى قوله تعالى «قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ».
(٤) النقيبة: النفس والمشورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>