ثم جهّز أبو بكر الجيوش لفتح الشأم، فجعلها أربعة: على أحدها عمرو بن العاص، ووجهته فلسطين، وعلى الثانى الوليد بن عقبة، ووجهته الأردنّ، وعلى الثالث يزيد ابن أبى سفيان، ووجهته البلقاء، وعلى الرابع أبو عبيدة عامر بن الجرّاح، ووجهته حمص، وقدم شرحبيل بن حسنة وافدا من عند خالد بن الوليد، فاستعمله أبو بكر على عمل الوليد بن عقبة، وكان ذلك أول سنة ١٣ هـ.
(تاريخ الطبرى ٤: ٢٩، وتاريخ الكامل لابن الأثير ٢: ١٩٦ وتهذيب تاريخ ابن عساكر ١: ١٣١)
[٩٦ - كتاب أبى بكر إلى خالد بن سعيد بن العاص]
ولما انهزم خالد بن سعيد بن العاص أمام جيش الروم، وهرب إلى ذى المروة (١)، وأتى أبا بكر الخبر كتب إليه:
«أقم مكانك، فلعمرى إنك مقدام محجام، نجّاء من الغمرات، لا تخوضها إلى حق، ولا تصبر عليه».
(تاريخ الطبرى ٤: ٣١)
[٩٧ - كتاب أبى عبيدة بن الجراح إلى أبى بكر]
وسار أبو عبيدة بن الجراح إلى الشأم، حتى إذا دنا من «الجابية» أتاه آت فقال:
(١) ذو المروة: قرية بوادى القرى، وذلك أن أبا بكر رضى الله عنه لما عقد الألوية لقتال أهل الردة، عقد له فيمن عقد، ووجهه إلى مشارف الشأم، وأمره أن ينزل تيماء لا يبرحها، وأن يدعو من حوله إلى الانضمام إليه، وألا يقبل إلا من لم يرتد، ولا يقاتل إلا من قاتله، حتى يأتيه أمره، فاجتمع إليه جموع كثيرة، وبلغ خبره الروم، فجهزوا إليه جيشا من العرب التابعين لهم، فكتب خالد إلى أبى بكر بذلك، فكتب إليه أبو بكر أن أقدم ولا تحجم واستنصر الله، فسار إليهم خالد، فلما دنا منهم تفرقوا وأعروا منزلهم، فنزله ودخل عامة من كان تجمع له فى الاسلام، وكتب إلى أبى بكر بذلك فكتب إليه: «أقدم ولا تقتحمن حتى لا تؤتى من خلفك» فتقدم، وسار إليه بطريق من بطارقة الروم يدعى باهان، فهزمه خالد وقتل حنده، وكتب بذلك إلى أبى بكر واستمده فأمده، ثم لما علم خالد أن أبا بكر أمر الأمراء وجيش الجيوش لفتح الشأم- كما تقدم- اقتحم على الروم طلبا للحظوة وأعرى ظهره واستطرد له باهان وتراجع هو ومن معه إلى دمشق، واقتحم خالد فى الجيش، فانطوت مسالح باهان عليه، وأخذوا عليه الطرق ولا يشعر، فخرج خالد هاربا فى جريدة إلى ذى المروة، وأقام عكرمة فى الناس ردءا لهم، فرد عنهم باهان وجنوده.