للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد قال لى رسول الله صلى الله عليه وآله: «إنى لا أخاف على أمتى مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيقمعه الله بشركه (١)، ولكنى أخاف عليكم كلّ منافق الجنان، عالم اللسان، يقول ما تعرفون، ويفعل ما تنكرون».

(نهج البلاغة ٢: ١٩)

٤٩٩ - كتاب علىّ إلى محمد بن أبى بكر وأهل مصر (٢)

وروى ابن أبى الحديد قال:

كتب على إلى محمد بن أبى بكر وأهل مصر:

«أما بعد، فإنى أوصيكم بتقوى الله والعمل بما أنتم عنه مسئولون، فأنتم به رهن، وإليه صائرون، فإن الله عزّ وجل قال: «كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ» وقال: «وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ» وقال «فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ» فاعلموا عباد الله أن الله سائلكم عن الصغير من أعمالكم والكبير، فإن يعذّب فنحن الظالمون، وإن يغفر ويرحم فهو أرحم الراحمين، واعلموا أن أقرب ما يكون العبد إلى الرحمة والمغفرة حينما يعمل بطاعة الله ومناصحته فى التوبة، فعليكم بتقوى الله عزّ وجلّ فإنها تجمع من الخير ما لا يجمع غيرها، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها: خير الدنيا وخير الآخرة، يقول الله سبحانه: «وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً، لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ، وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ» واعلموا عباد الله أن المؤمنين المتّقين قد ذهبوا بعاجل الخير وآجله، شركوا أهل الدنيا فى دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا فى آخرتهم


(١) أى أن مظهر الشرك يخذله الله ويصرف قلوب الناس عن اتباعه لإظهاره كلمة الكفر، فلا تطمئن قلوبهم إليه.
(٢) أرجح أن هذا الكتاب أصل للكتاب السابق له، لاحتوائه على جل عباراته وزيادته عليه، وقد آثرت أن أورد الكتابين جميعا كما رويا.

<<  <  ج: ص:  >  >>