للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الله عزّ وجل: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ» سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، شاركوا أهل الدنيا فى دنياهم فأكلوا من أفضل ما يأكلون، وشربوا من أفضل ما يشربون، ولبسوا من أفضل ما يلبسون، وسكنوا من أفضل ما يسكنون، أصابوا لذة أهل الدنيا مع أنهم غدا من جيران الله عزّ وجل، يتمنّون عليه لا يردّ لهم دعوة، ولا ينقص لهم لذّة، أما فى هذا ما يشتاق إليه من كان له عقل؟

واعلموا عباد الله أنكم إذا اتقيتم ربكم، وحفظتم نبيّكم فى أهل بيته، فقد عبدتموه بأفضل ما عبد، وذكرتموه بأفضل ما ذكر، وشكرتموه بأفضل ما شكر، وأخذتم بأفضل الصبر، وجاهدتم بأفضل الجهاد، وإن كان غيركم أطول صلاة منكم، وأكثركم صياما، إذ كنتم أتقى لله، وأنصح لأولياء الله من آل محمد صلى الله عليه وآله وأخشع، واحذروا عباد الله الموت ونزوله، وخذوا له عدّته، فإنه يدخل بأمر عظيم: خير لا يكون معه شرّ أبدا، أو شر لا يكون معه خير أبدا، وليس أحد من الناس يفارق روحه جسده حتى يعلم إلى أىّ المنزلتين يصير: إلى الجنة أم إلى النار؟ أعدوّ هو لله أم ولىّ له؟ فإن كان وليّا فتحت له أبواب الجنة، وشرع له طريقها، ونظر إلى ما أعدّ الله عز وجل لأوليائه فيها، وفرّغ من كل شغل، ووضع عنه كل ثقل (١)، وإن كان عدوا لله فتحت له أبواب النار، وسهّل له طريقها، ونظر إلى ما أعدّ الله فيها لأهلها، واستقبل كل مكروه، وفارق كل سرور، قال الله تعالى: «الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ».


(١) الثقل: الحمل الثقيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>