للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لئن لم تنزع (١) عن غيّك وشقاقك، لتعرفنّهم عمّا قليل يطلبونك، لا يكلّفونك أن تطلبهم فى برّ ولا بحر، ولا جبل ولا سهل، إلا أنه طلب يسوءك وجدانه، وزور (٢) لا يسرّك لقيانه.

وقد كان أبوك أبو سفيان أتانى حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال:

أنت أحقّ بمقام محمد، وأولى الناس بهذا الأمر، وأنا زعيم (٣) لك بذلك على من خالف، ابسط يدك أبايعك (٤)، فلم أفعل، وأنت تعلم أن أباك قد قال ذلك وأراده، حتى كنت أنا الذى أبيت عليه، مخافة الفرقة بين أهل الإسلام، لقرب عهد الناس بالكفر، فأبوك كان أعرف بحقّى منك، فإن تعرف من حقّى ما كان أبوك يعرف تصب رشدك، وإلّا فنستعين الله عليك، والسلام لأهله».

(شرح ابن أبى الحديد م ٣: ص ٤٠٨، ونهج البلاغة ٢: ٦، والعقد الفريد ٢: ٢٣٤)

٤٢٥ - كتاب معاوية إلى علىّ

وكتب معاوية إلى علىّ كتابا أنفذه إليه مع أبى أمامة الباهلى، ونسخته:

«من عبد الله معاوية بن أبى سفيان إلى على بن أبى طالب:

أما بعد: فإن الله تعالى جدّه اصطفى محمدا عليه الصلاة والسلام لرسالته، واختصّه بوحيه وتأدية شريعته، فأنقذ به من العماية (٥)، وهدى به من الغواية، ثم قبضه إليه


(١) أى تكف.
(٢) الزور: الزائرون.
(٣) أى كفيل.
(٤) روى أنه لما بويع أبو بكر بالخلافة. قال أبو سفيان لعلى: ما بال هذا الأمر فى أقل حى من قريش؟ والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا، فقال على: يا أبا سفيان طالما عاديت الإسلام وأهله فلم تضره بذاك شيئا، إنا وجدنا أبا بكر لها أهلا. وروى أيضا أنه لما اجتمع الناس على بيعة أبى بكر أقبل أبو سفيان وهو يقول: والله إنى لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم، يا آل عبد مناف، فيم أبو بكر من أموركم؟ أين المستضعفان، أين الأذلان على والعباس؟ وقال: أبا حسن ابسط يدك حتى أبايعك، فأبى على عليه، فجعل يتمثل بشعر المتلمس:
ولن يقيم على ضيم يراد به ... إلا الأذلان عير الحى والوتد
هذا على الخسف معكوس برمته ... وذا يشج فلا يبكى له أحد
فزجره على، وقال: إنك والله ما أردت بهذا إلا الفتنة، وإنك والله طالما بغيت الإسلام شراء لا حاجة لنا فى نصيحتك- انظر تاريخ الطبرى ٣: ٢٠٢.
(٥) العماية: الغواية، والإفك: الكذب:

<<  <  ج: ص:  >  >>