للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أما بعد: فإنى أخبر أمير المؤمنين عن جنده وعن عدوه: إنا دفعنا إلى عدوّنا بالأسياف، فوجدنا بها قبائل ذات عدّة وحدّة وجدّ، وقد جمعت لنا، وتحزّبت علينا، فدعوناهم إلى الطّاعة والجماعة، وإلى حكم الكتاب والسنة، وقرأنا عليهم كتاب أمير المؤمنين، ورفعنا لهم راية أمان، فمالت إلينا منهم طائعة، وبقيت طائفة أخرى منابذة، فقبلنا من التى أقبلت، وصمدنا (١) صمدا للتى أدبرت، فضرب الله وجوههم ونصرنا عليهم».

فأما من كان مسلما فإنا مننّا عليه، وأخذنا بيعته لأمير المؤمنين، وأخذنا منهم الصّدقة التى كانت عليهم، وأما من ارتدّ فإنا عرضنا عليه الرجوع إلى الإسلام وإلّا قتلناه، فرجعوا غير رجل واحد فقتلناه؛ وأما النصارى فإنا سبيناهم، وقد أقبلنا بهم، ليكونوا نكالا لمن بعدهم من أهل الذّمة، لكيلا يمنعوا الجزية، ولكيلا يجترئوا على قتال أهل القبلة، وهم أهل الصّغار والذل، رحمك الله يا أمير المؤمنين، وأوجب لك جنّات النعيم، والسلام عليك».

(تاريخ الطبرى ٦: ٧٥، وشرح ابن أبى الحديد م ١: ص ٢٧٠)

٤٨٢ - كتاب علىّ إلى مصقلة بن هبيرة

ثم أقبل بالأسارى حتى مر على مصقلة بن هبيرة الشّيبانى- وهو عامل علىّ على أردشير (٢) خرّة، وهم خمسمائة إنسان- فبكى إليه النساء والصبيان، ونصايح الرجال:

يا أبا الفضل، يا حامى الرجال، وفكّاك العناة (٣)، امنن علينا فاشترنا وأعتقنا، فقال مصقلة: أقسم بالله لأتصدّقن عليهم، إن الله يجزى المتصدقين، وبعث إلى معقل فقال له:

بعنى نصارى بنى ناجية، فقال: نعم أبيعكهم بألف ألف درهم، فأبى عليه، فلم يزل يراوده حتى باعه إياهم بخمسمائة ألف درهم، ودفعهم إليه، وقال له: عجّل بالمال إلى


(١) صمده وصمد إليه: قصد.
(٢) كورة من كور فارس.
(٣) العناة جمع العانى، وهو الأسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>