للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٥٣٥ - كتاب أبى الأسود الدؤلى إلى على]

وروى أن عبد الله بن عباس كان من أحب الناس إلى عمر بن الخطاب وكان يقدّمه على الأكابر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يستعمله قط، فقال له يوما:

كدت أستعملك، ولكن أخشى أن تستحلّ الفئ على التأويل، فلما سار الأمر إلى على، استعمله على البصرة- بعد وقعة الجمل كما قدّمنا- فاستحلّ الفئ على تأويل قول الله تعالى: «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ... » واستحلّه لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومرّ ابن عباس يوما على أبى الأسود الدؤلى، فقال له: لو كنت من البهائم لكنت جملا، ولو كنت راعيا ما بلغت المرعى، ولا أحسنت مهنته فى المشى، فكتب أبو الأسود إلى علىّ:

«أما بعد: فإن الله جل وعلا جعلك واليا مؤتمنا، وراعيا مسئولا، وقد بلوناك (١) رحمك الله، فوجدناك عظيم الأمانة، ناصحا للأمة، توفّر لهم فيئهم وتظلف (٢) نفسك عن دنياهم، فلا تأكل أموالهم، ولا ترتشى بشئ فى أحكامهم.

وإن ابن عمك قد أكل ما تحت يديه بغير علمك، فلم يسعنى كتمانك ذلك، فانظر رحمك الله فيما هنالك، واكتب إلىّ برأيك، فما أحببت أتّبعه إن شاء الله، والسلام».

(العقد الفريد ٢: ٢٤٢، وتاريخ الطبرى ٦: ٨١)

٥٣٦ - رد علىّ على أبى الأسود

فكتب إليه على:

«أما بعد: فمثلك نصح الإمام والأمة، وأدّى الأمانة، ووالى على الحق وفارق الجور، وقد كتبت إلى صاحبك بما كتبت إلىّ فيه من أمره، ولم أعلمه بكتابك إلىّ


(١) أى اختبرناك.
(٢) ظلف نفسه عنه كضرب، منعها من أن تفعله وكفها عنه، وفى العقد الفريد «وتكف» -

<<  <  ج: ص:  >  >>