للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١ - كتاب المنذر الأكبر إلى أنوشروان]

روى أن المنذر الأكبر (١) أهدى إلى أنوشروان جارية، كان أصابها إذ أغار على الحرث الأكبر بن أبى شمر الغسّانى (٢)، فكتب إلى أنوشروان بصفتها، فقال:

«إنى قد وجّهت إلى الملك جارية معتدلة الخلق، نقيّة اللون والثّغر، بيضاء قمراء، وطفاء، كحلاء، دعجاء حوراء عيناء، قنوا، شمّاء، برجاء زجّاء (٣)، أسيلة الخدّ،


(١) هو المنذر الثالث بن امرئ القيس اللخمى ملك الحيرة، وقد اشتهر بأمه، فقيل له: المنذر ابن ماء السماء (سميت بذلك لحسنها وجمالها، واسمها ماوية) وهو جد النعمان بن المنذر صاحب النابغة الذبيانى، وقد ولى إمارة الحيرة من سنة ٥١٤ إلى سنة ٥٦٣ م ماعدا فترة طرده فيها قباذ ملك الفرس، وقتل فى حربه مع الحرث بن أبى شمر الغسانى يوم أباغ (وأباغ كغراب: موضع بين الكوفة والرقة) وكانت إمارة الحيرة (وهى على ثلاثة أميال من الكوفة على موضع يقال له النجف) يليها المناذرة من قبل ملوك الفرس. ومعنى أنو شروان: صاحب العقل الراجح.
(٢) هو الحرث الأعرج بن أبى شمر جبلة الغسانى أحد ملوك الغساسنة، ويلقبه مؤرخو العرب بالأكبر كما ترى، وقد رجعت إلى سلسلة ملوك الغساسنة فى الجدول الذى وضعه الأستاذ برسيفال فى كتابه «العرب قبل الإسلام». فوجدت أن الحرث الملقب بالأكبر هو أبو شمر جبلة، وهو الحرث الرابع الذى ولى من سنة ٤٩٥ إلى سنة ٥٢٩ م، وأن من يلقبه مؤرخو العرب بالأكبر هو ابنه الحرث الأعرج هذا وهو الحرث الخامس الأوسط الذى ولى من سنة ٥٢٩ إلى سنة ٥٧٢ م، ولعلهم لقبوه بالأكبر لقوة سلطانه وعظم شأنه، وكانت إمارة الغساسنة بالشام يليها ملوك غسان من قبل الدولة الرومانية الشرقية، وقد عين الحرث بن أبى شمر من قبل العاهل الرومانى جوستنيان (الذى حكم من سنة ٥٢٧ إلى سنة ٥٦٥ م).
قال المسعودى فى مروج الذهب ج ١: ص ٢٩٩ «وكانت ديار ملوك غسان باليرموك والجولان وغيرهما من غوطة دمشق وأعمالها، ومنهم من نزل الأردن من أرض الشام». وقد نشبت بين المناذرة والغساسنة حروب شديدة امتلأت بها كتب التاريخ.
(٣) الثغر: الأسنان. ووجه أقمر: مشبه بالقمر. وقال ابن قتيبة «الأقمر: الأبيض الشديد البياض والأنثى قمراء». ووطفاء: وصف من الوطف بالتحريك، وهو كثرة شعر الحاجبين والعينين والأشفار مع استرخاء وطول. وكحلاء: وصف من الكحل بالتحريك، وهو سواد يعلو الجفون خلقة. والدعج بالتحريك والدعجة بالضم: شدة سواد العين مع سعتها. والحور بالتحريك: شدة سواد المقلة فى شدة بياضها فى شدة بياض الجسد. والعين بالتحريك، والعينة بالكسر: عظم سواد العين فى سعة. وقنا الأنف: ارتفاع أعلاه، واحد يداب وسطه، وسبوغ طرفه، وهو أقنى، وهى قنواء. والشمم بالتحريك: ارتفاع قصبة الأنف وحسنها واستواء أعلاها وانتصاب الأرنبة، وهو أشم، وهى شماء.
والبرج بالتحريك: تباعد ما بين الحاجبين، وقيل هو سعة العين فى شدة بياض صاحبها، وقيل سعة بياض العين وعظم المقلة وحسن الحدقة، وقيل أن يكون بياض العين محدقا بالسواد كله. والزجج بالتحريك دقة الحاجبين فى طول.

<<  <  ج: ص:  >  >>