للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٧٤ - رد الرشيد عليه]

فأجابه الرشيد:

«بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد، فقد بلغ أمير المؤمنين كتابك بقدومك «مرو» فى اليوم الذى سمّيت، وعلى الحال التى وصفت، وما فسّرت، وما كنت قدّمت من الحيل قبل ورودك إياها، وعملت به فى أمر الكور التى سمّيت، وتولية من ولّيت عليها قبل نفوذك عنها، ولطّفت له من الأمر الذى استجمع لك به ما أردت من أمر الخائن على بن عيسى وولده وأهل بيته، ومن صار فى يدك من عمّاله، وأصحاب عمّاله، واحتذائك فى ذلك كلّه ما كان أمير المؤمنين مثّل لك ووقفك عليه، وفهم أمير المؤمنين كلّ ما كتبت به، وحمد الله على ذلك كثيرا، وعلى تسديده إياك، وما أعانك به من توفيقه، حتى بلغت إرادة أمير المؤمنين، وأدركت طلبته، وأحسنت ما كان يحبّ بك وعلى يديك إحكامه، مما كان اشتد به اعتناؤه، ولجّ به اهتمامه، وجزاك الخير على نصيحتك وكفايتك، فلا أعدم الله أمير المؤمنين أحسن ما عرفه منك، فى كل ما أهاب (١) بك إليه، واعتمد بك عليه.

وأمير المؤمنين يأمرك أن تزداد جدّا واجتهادا فيما أمرك به، من تتبّع أموال الخائن على بن عيسى وولده وكتّابه وعمّاله ووكلائه وجهابذته (٢)، والنظر فيما اختانوا (٣) به أمير المؤمنين فى أمواله، وظلموا به الرعية فى أموالهم، وتتبّع ذلك واستخراجه من مظانّه ومواضعه التى صارت إليه، ومن أيدى أصحاب الودائع التى استودعوها إياهم، واستعمال اللين والشدة فى ذلك كله، حتى تصير إلى استنظاف ما وراء ظهورهم، ولا تبقى من نفسك فى ذلك بقيّة، وفى إنصاف الناس منهم فى حقوقهم


(١) أهاب به: دعاه.
(٢) الجهابذة جمع جهبذ بكسر الجيم والباء: وهو النقاد الخبير.
(٣) خانه واختانه: بمعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>