للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عز وجل بمصر المسلمين ومجمعهم صراحا (١) وجهارا، أقدم بهم على شبهة مهلكة، وزين لهم ورطة موبقة، وغرّهم بمكيدة حيله، إرادة لاستهوائهم بالخدع، واحتيالهم (٢) بالشّبه والمراصد الخفيّة المشكلة، وكل مقيم على معصية الله صغرت أو كبرت مستحلّا لها مشيدا (٣) بها، مظهرا لارتكابه إياها، غير حذر من عقاب الله عزّ وجل عليها، ولا خائف مكروها فيها، ولا رعيب (٤) من حلول سطوته عليها، حتى تلحقه المنية، فتختلجه وهو مصرّ عليها، غير تائب إلى الله منها، ولا مستغفر من ارتكابه إياها، فكم قد أقام على موبقات الآثام وكبائر الذنوب حتى حدّه مخترم (٥) أيامه.

وقد أحب أمير المؤمنين أن يتقدم إليهم فيما بلغه عنهم، ويوعز إليهم ويعلمهم ما فى أعناقهم عليها، وما لهم فى قبول ذلك (٦) من الحظ، وعليهم فى تركه من الوزر، فآذن (٧) بذلك فيهم، وأشده فى أسواقهم. وجميع أنديتهم، وأوعز إليهم فيه، وتقدّم إلى عامل شرطتك: فى إنهاك (٨) العقوبة لمن رفع إليه من أهل الاعتكاف عليها، والإظهار للّعب بها، وإطالة حبسه فى ضيق وضنك، وطرح اسمه من ديوان أمير المؤمنين، وأفطمهم عما لهجوا (٩) به من ذلك، والتمس بشدتك عليهم فيه وإنها كك بالعقوبة عليه ثواب الله وجزاءه، واتباع أمير المؤمنين ورأيه، ولا يجدنّ أحد عندك هوادة فى التقصير فى حق الله عز وجل، والتعدى لأحكامه،


(١) الصراح بالضم والكسر: المصارحة.
(٢) اجتالهم: حولهم عن قصدهم.
(٣) أشاده وأشاد به: أشاعه ورفع ذكره.
(٤) أى مرعوب، رعبه كمنعه خوفه فهو مرعوب ورعيب، وفى الأصل «رعب» وهو تحريف
(٥) هو الموت، اخترمته المنية: أخذته واقتطعته، وفى الأصل «محزم»، وحدّه: دفعه ومنعه، وفى الأصل «مدبه» وأراه محرفا وصوابه «حده أو صده».
(٦) أى وما لهم فى قبول ذلك النصح الذى تقدم به إليهم من الحظ، وما عليهم فى تركه من الوزر.
(٧) آذنه الأمر وبه: أعلمه.
(٨) نهكه السلطان عقوبة كسمع وأنهكه: بالغ فى عقوبته.
(٩) فى الأصل «نهجوا به» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>