للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليك بالاقتصاد فى الأمور كلها، فليس شىء أبين نفعا، ولا أحضر أمنا، ولا أجمع فضلا من القصد، والقصد داعية إلى الرشد، والرشد دليل على التوفيق، والتوفيق قائد إلى السعادة وقوام الدين، والسنن الهادية بالاقتصاد، فآثره فى دنياك كلها ولا تقصّر فى طلب الآخرة والأجر والأعمال الصالحة، والسنن المعروفة، ومعالم الرشد، فلا غاية للاستكثار من البرّ والسعى له، إذا كان يطلب به وجه الله ومرضاته ومرافقة أوليائه فى دار كرامته. واعلم أن القصد فى شأن الدنيا يورث العز، ويحصّن من الذنوب، وإنك لن تحوط (١) نفسك ومن يليك، ولا تستصلح أمورك بأفضل منه، فأته واهتد به نتمّ أمورك، وتزد مقدرتك، وتصلح خاصتك وعامتك، وأحسن الظن بالله عز وجل تستقم لك رعيتك، والتمس الوسيلة إليه فى الأمور كلها تستدم به النعمة عليك.

ولا تتهمن أحدا من الناس فيما توليه من عملك قبل أن تكشف أمره فإن إيقاع التهم بالبرآء والظنون السيئة بهم ما ثم، واجعل من شأنك حسن الظن بأصحابك، واطرد عنك سوء الظن بهم وارفضه فيهم، يعنك ذلك على اصطناعهم (٢) ورياضتهم، ولا يجدن عدو الله الشيطان فى أمرك مفخرا، فإنه إنما يكتفى بالقليل من وهنك (٣)، فيدخل عليك من الغم فى سوء الظن ما ينغّصك لذاذة عيشك. واعلم أنك تجد بحسن الظن قوة وراحة، وتكفى يه ما أحببت كفايته من أمورك، وتدعو به الناس إلى محبتك، والاستقامة فى الأمور كلها، ولا يمنعك حسن الظن بأصحابك، والرأفة برعيتك، أن تستعمل المسألة، والبحث عن أمورك، والمباشرة لأمور الأولياء، والحياطة للرعية، والنظر فيما يقيمها ويصلحها، بل لتكن المباشرة لأمور الأولياء والحياطة للرعية، والنظر فى حوائجهم وحمل مئوناتهم، آثر عندك مما سوى ذلك،


(١) تصون.
(٢) اصطنعتك لنفسى: اخترتك لخاصة أمر أستكفيك إياه.
(٣) الوهن بسكون الهاء وفتحها: الضعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>