للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه أفوم للدّين، وأحيا للسنة. وأخلص نيّتك فى جميع هذا، وتفرّد بتقويم نفسك تفرّد من يعلم أنه مسئول عما صنع، ومجزىّ بما أحسن، ومأخوذ بما أساء، فإن الله جعل الدين حرزا وعزّا، ورفع من اتبعه وعزّزه، فاسلك بمن تسوسه وترعاه نهج الدين وطريقة الهدى. وأقم حدود الله فى أصحاب الجرائم على قدر منازلهم وما استحقوه، ولا تعطّل ذلك ولا تهاون به، ولا تؤخر عقوبة أهل العقوبة، فإن فى تفريطك فى ذلك لما يفسد عليك حسن ظنك، واعزم على أمرك فى ذلك بالسنن المعروفة، وجانب الشّبه والبدعات يسلم لك دينك، وتقم لك مروءتك، وإذا عاهدت عهدا فف به، وإذا وعدت الخير فأنجزه، واقبل الحسنة وادفع بها، وأغمض عن عيب كل ذى عيب من رعيتك، واشدد لسانك عن قول الكذب والزور، وأبغض أهله، وأقص أهل النميمة، فإن أوّل فساد أمرك فى عاجل الأمور وآجلها تقريب الكذوب والجرأة على الكذب، لأن الكذب رأس المآثم، والزور والنميمة خاتمتها؛ لأن النميمة لا يسلم صاحبها، وقائلها لا يسلم له صاحب، ولا يستقيم لمطيعها أمر. وأحبّ أهل الصدق والصلاح، وأعزّ الأشراف بالحق، وواصل الضعفاء، وصل الرحم، وابتغ بذلك وجه الله وعزة أمره، والتمس فيه ثوابه والدار الآخرة، واجتنب سوء الأهواء والجور واصرف عنهما رأيك، وأظهر براءتك من ذلك لرعيتك، وأنعم بالعدل فى سياستهم، وقم بالحق فيهم، والمعرفة التى تنتهى بك إلى سبيل الهدى، واملك نفسك عند الغضب وآثر الوقار والحلم، وإياك والحدة والطيش والغرور فيما أنت بسبيله، وإياك أن تقول:

إنى مسلّط أفعل ما أشاء، فإن ذلك سريع بك إلى نقص الرأى، وقلة اليقين بالله وحده لا شريك له، وأخلص لله النية فيه واليقين به. واعلم أن الملك لله، يعطيه من يشاء، وينزعه ممن يشاء. ولن تجد تغيّر النعمة وحلول النقمة إلى حد أسرع منه إلى حملة النعمة من أصحاب السلطان، والمبسوط لهم فى الدولة، إذ كفروا بنعم الله وإحسانه، واستطالوا بما آتاهم الله من فضله، ودع عنك شره نفسك، ولتكن ذخائرك وكنوزك

<<  <  ج: ص:  >  >>