للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى مجلس العامّة، غير متحلحل (١) له حين رأيته مقبلا- عن صدر مهادك، الذى مهد له الله، وفى قومك من يعلوك بحسبه، ويغمرك بأوّليّته، فنلت مهادك بما رفع به آل عمرو من ضعتك خاصّة، مساوين بك فروع غرر القبائل وقرومها (٢) قبل أمير المؤمنين، حتى حللت هضبة أصبحت تنحو (٣) بها عليهم مفتخرا، هذا إن لم يدهده (٤) بك قلّة شكرك متحطّما وقيذا، فهلّا- يا بن مجرّشة (٥) قومك- أعظمت رجلهم عليك داخلا، ووسّعت مجلسه إذ رأيته إليك مقبلا، وتجافيت له عن صدر فراشك مكرّما، ثم فاوضته مقبلا عليه ببشرك إكراما لأمير المؤمنين، فإذا اطمأن به مجلسه نازعته بحيىّ السّرار (٦)، معظما لقرابته، عارفا لحقه! فهو سنّ البيتين ونابهم (٧)، وابن شيخ آل أبى العاص وحرب وغرّتهم، وبالله يقسم أمير المؤمنين لك لولا ما تقدّم من حرمتك، وما يكره من شماتة عدوك بك، لوضع منك ما رفع، حتى يردّك إلى حال تفقد بها أهل الحوائج بعراقك، وتزاحم المواكب ببابك، وما أقربنى من أن أجعلك تابعا لمن كان لك تبعا، فانهض على أىّ حال ألفاك رسول أمير المؤمنين وكتابه، من ليل أو نهار، ماشيا على قدميك بمن معك


(١) أى غير متزحزح، يقال: حلحله: إذا أزاله عن موضعه وحركه فتحلحل، والمهاد: الفراش.
(٢) القروم: جمع قرم بالفتح: وهو السيد، والفروع: جمع فرع، وفرع كل شىء: أعلاه، ومن القوم: شريفهم.
(٣) معناه تطل وتشرف، يقال نحا بصره إليه: أى صرفه، ونحا: مال على أحد شقيه.
(٤) دهده الحجر فتدهده، ودهداه فتدهدى: دحرجه فتدجرج، والوقيذ: الصريع، وقذه:
صرعه وسكنه وغلبه وتركه عليلا.
(٥) المجرشة: الماشطة، يقال جرش رأسه بالمشط وجرشه إذا حكه حتى تستبين هبريته، وجرش الجلد: إذا دلكه ليملاس.
(٦) السرار: المسارة، مصدر سار، وحيى: ذو حياء، وحيى السرار من إضافة الصفة إلى الموصوف أى السرار الحيى، والمعنى: جادلته وناقشته فى سرار مقرون بالحياء والاحتشام.
(٧) يقال: فلان ناب قومه، أى سيدهم، قال الشاعر:
كنت لهم فى الحدثان نابا ... أنفى العدا وضيغما وثابا
انظر أساس البلاغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>