للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يأته زياد، فأخذ بسر بنى زياد الأكابر منهم فحبسهم (عبد الرحمن وعبيد الله وعبّادا) وكتب إلى زياد:

«لتقدمنّ على أمير المؤمنين أو لأقتلنّ بنيك» فكتب إليه زياد:

«لست بارحا من مكانى الذى أنا به حتى يحكم الله بينى وبين صاحبك، فإن قتلت من فى يديك من ولدى، فالمصير إلى الله سبحانه، ومن ورائنا وورائكم الحساب، وسيعلم الّذين ظلموا أىّ منقلب ينقلبون».

فهمّ بقتلهم، فأتاه أبو بكرة (١) فقال: أخذت ولدى وولد أخى غلمانا بلا ذنب، وقد صالح الحسن معاوية على أمان أصحاب علىّ حيث كانوا، فليس لك على هؤلاء ولا على أبيهم سبيل، فقال: إنّ على أخيك أموالا قد أخذها، فامتنع من أدائها، قال:

ما عليه شىء، فاكفف عن بنى أخى حتى آتيك بكتاب من معاوية بتخليتهم، فأجّله أياما، قال له: إن أتيتنى بكتاب معاوية بتخليتهم، وإلا قتلتهم، أو يقبل زياد إلى أمير المؤمنين، فأتى أبو بكرة معاوية فكلمه فى زياد وبنيه، وكتب معاوية إلى بسر بالكف عنهم وتخلية سبيلهم فخلاهم.

وفى رواية أخرى للطبرى أيضا قال:

كتب بسر إلى زياد: «لئن لم تقدم لأصلبنّ بنيك» فكتب إليه: «إن تفعل فأهل ذاك أنت، إنما بعث بك ابن آكلة الأكباد (٢)» فركب أبو بكرة إلى معاوية فقال: يا معاوية إن الناس لم يعطوك بيعتهم على قتل الأطفال، قال: وما ذاك


(١) هو أخو زياد لأمه، وأبوه الحارث بن كلدة.
(٢) هى هند أم معاوية وذلك أن حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوم بدر قد قتل عمها شيبة بن ربيعة بن عبد شمس، واشترك هو والإمام على وعبيدة بن الحارث بن المطلب فى قتل أبيها عتبة بن ربيعة، واشترك هو والإمام على وزيد بن حارثة فى قتل ابن زوجها حنظلة بن أبى سفيان، فلما كانت غزوة أحد قتل حمزة رضى الله عنه (قتله وحشى مولى جبير بن مطعم، دعاه سيده وقال له اخرج مع الناس فإن أنت قتلت حمزة وأخذت كبده لتاكلها

<<  <  ج: ص:  >  >>