للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصره عن مواقع الصواب أن يراه، والنّعمة أن يشكرها، والحقّ أن يؤدّيه، وكانت معرفته عليه وبالا، وحسده إلى الغير به قائدا، وذو هوى قاده الهوى إلى البدعة، وأخرجته الضلالة من الجماعة، فهو عرضة لسوء الأدب أو سيف النّكال، لم يوحش الله أحدا بفقده (١)، ولم يعزّر (٢) أحدا بموالاته، وموثّق معصوم (٣) استنقذه الله بموالاة أمير المؤمنين من غلّ الحسد، وبدع الآراء، وجبله على صحّة الهوى، فهو إن نظر فبعينه ينظر، وإن قال فبلسانه يقول، لا يأمن حتى يعلم أن أمير المؤمنين قد استوطأ مهاد الخفض، ولا يزال له طليعة رأى توفى على خطّة حزم، وغامض فطنة تغلغل إلى لطيف منفعة، وسهم مكيدة نحو عورة (٤)، قد علم أن يوم أمير المؤمنين يومه، وأن غده غده، فهو إن تعرّض لأداء الحقّ فى نصيحته، ينظر لنفسه نظر من لا يأمل السلامة إلا بسلامته، ولا البقاء إلا ببقائه، وقد رجوت بالقرابة التى جعلها الله لى به، والواجب الذى عرفته من حقه، والعظيم الذى حملته من معروفه، ألّا يكون أحد ينظر إليه بعين الإشفاق أقوم ما جعله الله أهله منى، فإن أبلغ الذى أردت فبتوفيق الله، وإن أقصّر فعن مثل ما حاولت قصّر المجتهد.

فأوّل ما أنا ذاكره من فضله: أن الله قدّم له الصّنع فى سابق علمه، فجعل محتده (٥) خير المحاتد عنصرا، ثم اختار له أبا فأبا، لا ينقله من أب إلى أب إلا نقل معه وإليه فضيلة العنصر الذى هو منه، حتى صيره بعد فضائل أبيه إلى أفضل بدنه (٦) فكان خير خلف من خير سلف، وأفضل ولد من أفضل أبوّة، وأرضى إمام من أزكى أئمة، ثم اختار له مكارم الأخلاق، وألبسه جمال الصورة، فلا نعلم نحن ولا


(١) فى الأصل «لمن يوحش الله أخذه بفقده».
(٢) عزره: فخمه وعظمه- أو صوابه «ولم يعزز» أى لم يجعله عزيزا، والمعنى واحد.
(٣) فى الأصل «وموثق معصوم ثم استنقذه بموالاة ... ».
(٤) العورة: الخلل فى الثغر ونحوه.
(٥) المحتد: الأصل.
(٦) بدن الرجل. نسبه وحسبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>