للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حسدا لابن عمك عثمان، نشرت مقابحه، وطويت محاسنه، وطعنت فى فقهه، ثم فى دينه، ثم فى سيرته، ثم فى عقله، وأغريت به السّفهاء من أصحابك وشيعتك، حتى قتلوه بمحضر منك، لا تدفع عنه بلسان ولا يد، وما من هؤلاء إلا من بغيت عليه، وتلكّأت فى بيعته حتى حملت إليه قهرا تساق بحزائم الاقتسار (١) كما يساق الفحل المخشوش، ثم نهضت الآن تطلب الخلافة، وقتلة عثمان خلصاؤك وسجراؤك (٢) والمحدقون بك، وتلك من أمانى النفوس وضلالات الأهواء.


- أن يقوم خليفة) عمرو بن العاص فأخذ السيف من يده، فلما أخذ عمرو السيف وثب عليه سعد بن أبى وقاص فتناصيا (أى أخذ كل منهما ناصية صاحبه) وقال: قتلت جارى وأخفرتنى! وحبسه صهيب فى دار سعد حتى سلمه إلى عثمان لما استخلف، فقال عثمان: أشيروا على فى هذا الرجل الذى فتق فى الإسلام ما فتق، فقال بعضهم ومنهم على: نرى أن تقتله، وقال آخرون ومنهم عمرو بن العاص: قتل عمر أمس، ويقتل ابنه اليوم! أبعد الله الهرمزان وجفينة، وقال عمرو أيضا: يا أمير المؤمنين إن الله قد أعفاك أن يكون هذا الحدث كان ولك على المسلمين سلطان، إنما كان هذا الحدث ولا سلطان لك، فتركه عثمان وأعطى دية من قتل واحتملها فى ماله، وقيل إنما تركه عثمان لأنه قال للمسلمين: من ولى الهرمزان؟ قالوا: أنت، قال: قد عفوت عن عبيد الله، وقيل. إن عثمان سلم عبيد الله إلى القماذبان بن الهرمزان ليقتله بأبيه، قال القماذبان: فأطاف بى الناس وكلمونى فى العفو عنه، فقلت: هل لأحد أن يمنعنى منه؟ قالوا: لا، قلت: أليس إن شئت قتلته؟ قالوا: بلى، قلت: قد عفوت عنه، وتركته لله ولهم، فاحتملونى فو الله ما بلغت المنزل إلا على رءوس الرجال وأكفهم (وفى هذا نظر، لأنه لو عفا عنه ابن الهرمزان لم يكن لعلى أن يقتله، وقد أراد قتله لما ولى الخلافة).
ولم يزل عبيد الله كذلك حيا حتى قتل عثمان وولى على الخلافة، وكان رأيه أن يقتل عبيد الله فأراد قتله، فهرب منه إلى معاوية، وشهد معه صفين، وكان على الخيل، فقتل فى بعض أيام صفين- انظر أسد الغابة ج ٣: ص ٣٤٢ وتاريخ الطبرى ج ٥: ٤١ - ٤٤ - .
وجاء فى مروج الذهب أيضا (ج ٢: ص ٢٠): «كان عبيد الله بن عمر لحق بمعاوية خوفا من على أن يقيده بالهرمزان، وذلك أن أبا لؤلؤة علام المغيرة بن شعبة كان قتل فى أرض العجم غلاما للهرمزان، فلما قتل عمر شد عبيد الله على الهرمزان فقتله، وقال: لا أترك بالمدينة فارسيا ولا فى غيرها إلا قتلته، وكان الهرمزان عليلا فى الوقت الذى قتل فيه عمر، فلما صارت الخلافة إلى على أراد قتل عبيد الله ابن عمر بالهرمزان لقتله إياه ظلما من غير سبب استحقه، فلجأ إلى معاوية اه».
هذا ولا يفوتنا أن نقول إن أبا لؤلؤة لما طعن عمر فى الصلاة (وقد طعن فى المسجد معه ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة) أقبل رجل من بنى تميم يقال له حطان، فألقى كساءه عليه ثم احتضنه، فلما علم أبو لؤلؤة أنه مأخوذ طعن نفسه- انظر العقد الفريد ٢: ٢٠٩ - .
(١) فى كتب اللغة: الحزام والحزامة بالكسر: ما حزم به، والجمع حزم ككتب، وقسره على الأمر واقتسره: قهره، وقد تقدم معنى المخشوش.
(٢) الخلصاء جمع خلص بالكسر، وهو الخدن بالكسر أيضا أى الصاحب، والسجراء جمع سجير ككريم: وهو الخليل الصفى، وفى الأصل «شجراؤك» وهو تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>