للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سوى رصّه البنيان عشرين حجّة ... يعلّ عليه بالقراميد والسّكب (١)

فلمّا رأى البنيان تمّ سحوقه ... وآض كمثل الطّود ذى الباذخ الصّعب (٢)

فأتهمه من بعد حرس وحقبة ... وقد هدّه أهل المشارق والغرب (٣)

وظنّ سنّمار به كلّ حبرة ... وفاز لديه بالمودّة والقرب (٤)

فقال اقذفوا بالعلج من فوق برجه ... فهذا لعمر الله من أعجب الخطب! (٥)

وما كان لى عند ابن جفنة فاعلموا ... من الذنب ما آلى يمينا على كلب (٦)

ليلتمسن بالخيل عقر بلادهم ... تحلّل (أبيت اللّعن) من قولك المزبى (٧)


- ما أنا أهله بنيته بناء يدور مع الشمس حيثما دارت، فقال: وإنك لتقدر على أن تبنى ما هو أفضل منه ثم لم تبنه! فأمر به فطرح من رأس الخورنق».
وقال الميدانى فى مجمع الأمثال ج ١: ص ١٠٧ «ويقال إن سنمار هو الذى بنى أطم أحيحة بن الجلاح (والأطم بضمة وضمتين: القصر)، فلما فرغ منه قال له أحيحة: لقد أحكمته، قال: إنى لأعرف فيه حجرا لو نزع لتقوض من عند آخره (كذا) فسأله عن الحجر فأراه موصعه، فدفعه أحيحة من الأطم فخر ميتا» وأورد صاحب القاموس هذا الخبر، وقال كان سنمار غلاما لأحيحة.
(١) الحجة: السنة. والقرمد بالفتح والقرميد بالكسر: الآجر، وحجارة لها خروق يوقد عليها حتى إذا نضجت بنى بها، قال ابن دريد: هو رومى تكلمت به العرب قديما. والسكب: النحاس أو الرصاص ويحرك. والعلل بالتحريك: الشرب بعد الشرب تباعا، عله يعله كضرب ونصر، وعل الضارب المضروب: إذا تابع عليه الضرب، ومعنى يعل عليه هنا: يتابع رفع البنيان ويواليه، وربما كان الأصل «يعلى».
(٢) سحق النخل ككرم: طال، ونخلة سحوق كصبور: طويلة (وسمق النخل أيضا كنصر سمقا وسموقا: ارتفع وعلا وطال، فهو سامق وسميق) وآض: صار. والطود: الجبل العظيم والباذخ: العالى. والصعب: أى الصعب المرتقى.
(٣) أتهم الرجل وأتهمه وأو همه: أدخل عليه التهمة أى ما يتهم عليه. والحرس: وقت من الدهر.
والحقبة: مدة من الدهر أيضا. ويقال: فلان يهد بالبناء للمجهول: إذا أثنى عليه بالجلد والقوة. ويقال:
لهد الرجل (برفع الرجل) أى ما أجلده، وفى الأصل «وقد هره» وهو تحريف (وهره: كرهه) وربما كان «وقد هزه» من هز الحادى الإبل: أى نشطها بحدائه، والمعنى: أثنوا عليه.
(٤) الحبرة: السرور.
(٥) العلج: الرجل الشديد الضخم، والعلج: الرجل من كفار العجم، والمراد به هنا سنمار وهو رومى كما تقدم لك. والخطب: الشأن والأمر.
(٦) ابن جفنة: يعنى به الحرث الأصغر المذكور، وجفنة أحد أجداده، وهو جفنة الأول بن عمرو مزيقياء أول ملوك الغساسنة؛ ولى من سنة ٢٠٥ إلى سنة ٢٤٨ م. وآلى: أقسم.
(٧) عقر الدار بالضم ويفتح وسطها. وتحلل من يمينه: إذا خرج منها بكفارة. وأبيت اللعن:
من تحايا الملوك فى الجاهلية والدعاء لهم، معناه: أبيت أن تأتى من الأمور ما تلعن عليه وتذم بسببه.
والمزبى المزعج، جاء فى اللسان: « ... فقلت له كلمة أزبيه بها: أى أزعجه وأقلقه، من قولهم أزبيت الشئ إذا حملته، ويقال فيه زبيته، لأن الشئ إذا حمل أزعج وأزبل عن مكانه».

<<  <  ج: ص:  >  >>