للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلقه، بابتدائه خلقهم، ومظاهرته الآلاء (١) عليهم، وإحسانه البلاء عندهم، وإبلاغه فى الحجج إلى عامّتهم- دينا رضيه لنفسه وملائكته الذين أسكن سمواته ورسله فأتمّه على وجه لم يرض إلّا به (٢)، ولم يقبل إلا إياه، ثم كان ما أعزّ به نفسه، وأظهر به نوره، وأراد أن يبلو (٣) به عباده، تحقيقا لما سبق به علمه، وإنفاذا لما جرت به مقاديره، أن بعث لما شرع من دينه، واصطفى لتسبيحه وتقديسه من ملائكته المقرّبين، من ارتضى واختار من أنبيائه ورسله المجتبين (٤) لتبليغ رسالته وإظهار حقه، واستشلاء (٥) من أراد سعادته من خلقه بالرحمة التى اطّلعت عليهم وعمّتهم، ليعبد مخلصا له، محمودا بما استحمد به إلى خلقه، مشهودا له بما أشهد به من كلمة الحق، فكان منهم التبليغ لما أرسلوا به، والنصيحة لمن أرسلوا إليه، غير مختلفين فيما بعثوا له، ولا متفرّقين فيما استعملوا فيه، يدعوهم آخر إلى ما دعاهم إليه أول، فيصدّق بذلك بعضهم بعضا، ويهدون إلى الحق وإلى طريق مستقيم، فمضت رسل الله وأنبياؤه على ذلك، سالكين منهاج الحق وسبيله، والدّعاء إلى الله عز وجل وإلى طاعته، هادين مهديّين، غير مبخوسين شيئا مما كانوا أهله فى المنزلة عند الله، والقربة منه، والوسيلة إليه، هم ومن آمن بهم وعزّرهم (٦) واتّبع النور الذى أنزل معهم، حتى تقضّت بهم الأعمار، وتقطّعت بهم الآثار، وتخرّمتهم (٧) الآجال».

(اختيار المنظوم والمنثور ١٣: ٢٧٧)


(١) الآلاء: النعم، ومظاهرتها: مضاعفتها، والبلاء: النعمة أيضا.
(٢) فى الأصل «فأتمن على وجه من لم يرض إلا به» وهو تحريف.
(٣) بلاه يبلوه: اختبره.
(٤) اجتباه: اختاره.
(٥) الاستشلاء: الاستنقاذ من الهلكة.
(٦) التعزير: التفخيم والتعظيم.
(٧) تخرمته المنية واخترمته: أخذته واقتطعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>